بينهما ذاتاً فكذلك الحال في الأحكام الوضعيّة. وعليه فلم يظهر لنا لحد الآن وجه ما اصطلحوا عليه الفقهاء من التعبير عن موضوعات الأحكام التكليفية بالشرائط وعن موضوعات الأحكام الوضعيّة بالأسباب ، مع انهما من واد واحد فلا فرق بينهما من هذه الناحية أبداً ، وكيف كان فلا يقوم هذا الاصطلاح على واقع موضوعي ، حيث قد عرفت انه ليس في كلا البابين معاً إلا جعل الحكم على الموضوع المقدر وجوده في الخارج من دون أي تأثير له في ثبوت الحكم تكويناً. نعم لا بأس بالتعبير عن الموضوع بالشرط نظراً إلى رجوع القضية الحقيقية إلى القضية الشرطية : مقدمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت الحكم له. ولكن هذا الشرط بمعنى آخر غير الشرط الّذي هو من أجزاء العلة التامة.
وقد تحصل من مجموع ما حققناه : ان الموجود في مورد المعاملة عدة أمور : (الأول) الاعتبار النفسانيّ القائم بنفس المعتبر بالمباشرة. (الثاني) إبرازه في الخارج بمبرز ما من قول أو فعل أو نحو ذلك. (الثالث) الإمضاء العقلائي وهو فعل اختياري للعقلاء وخارج عن اختيار المتعاملين (الرابع) الإمضاء الشرعي وهو فعل اختياري للشارع وخارج عن قدرة المتعامل واختياره ، وقد تقدم أن موضوعه هو المعاملة بعناوينها الخاصة كالبيع أو نحوه.
وبعد ذلك نقول : ان النهي المتعلق بالمعاملة لا يخلو من أن يكون متعلقاً بالإمضاء الشرعي المعبر عنه في لسان الفقهاء بالملكية الشرعية ، أو متعلقاً بالإمضاء العقلائي ، أو بالأمر الاعتباري النفسانيّ ، أو بالمبرز الخارجي أو بالمجموع المركب منهما فلا سادس في البين.
أما الأول ـ وهو الإمضاء الشرعي فلا معنى للنهي عنه ، بداهة انه فعل اختياري للشارع وخارج عن قدرة المتعامل واختياره ، ومن الطبيعي