أنه لا معنى لنهي الشارع عن فعل نفسه غاية الأمر إذا كانت فيه مفسدة ملزمة لم يصدر منه ، كما هو الحال في مثل بيع الكلب والخنزير والخمر والبيع الربوي وما شاكل ذلك ، فان عدم إمضاء الشارع هذه المعاملات وعدم اعتباره الملكية فيها من جهة وجود مفسدة ملزمة في تلك المعاملات فانها تكون مانعة منه ، لا انها موجبة للنهي عنه.
وتوهم ـ ان هذه الدعوى لا تلائم مع نهي الشارع عن هذه المعاملات من ناحية وكون النهي عنها متوجهاً إلى المتعاملين من ناحية أخرى ـ فاسد جداً ، وذلك لأن هذا النهي ليس نهياً تكليفياً ليقال أنه غير معقول ، بل هو نهي إرشادي فيرشد إلى عدم إمضاء الشارع تلك المعاملات. وقد ذكرنا غير مرة ان شأن النهي الإرشادي شأن الأخبار فكأن المولى أخبر عن فساد هذه المعاملات وعدم إمضائها. نعم بعض هذه المعاملات ـ وهو المعاملة الربوية ـ وإن كان محرماً تكليفاً أيضا إلا أن الحرمة متعلقة بفعل المتعاملين لا بالإمضاء الشرعي والملكية الشرعية. وقد عرفت ان المعاملات أسام للافعال الصادرة عن آحاد الناس فلا مانع من تعلق الحرمة بها. فالنتيجة هي : أنه لا معنى لتعلق النهي بالملكية الشرعية. ومن هنا يظهر الحال في الأمر الثاني ـ وهو الإمضاء العقلائي ـ فانه حيث كان خارجاً عن اختيار المتعاملين فلا معنى للنهي عنه ولا يعقل تعلق النهي في باب المعاملات به.
وأما الثالث ـ وهو فرض تعلق النهي بالأمر الاعتباري النفسانيّ فحسب ـ فهو وإن كان شيئاً معقولا في نفسه إلا أنه لا يستلزم فساد المعاملة لأن النهي عنه لا يكون نهياً عن المعاملة حتى يستلزم فسادها ، لما عرفت من أن المعاملات من العقود والإيقاعات أسام للمركب من ذلك الأمر الاعتباري النفسانيّ وإبرازه في الخارج بمبرز ما فلا تصدق على الاعتبار النفسانيّ فحسب ، ولا على المبرز الخارجي كذلك. وعلى هذا الضوء فما يتعلق به