وان مراده في هذا المقام مطلق وإلا لكان عليه البيان.
وأما إذا لم يتمكن من الإتيان يقيد في مقام الإثبات فلا يكشف إطلاق كلامه في هذا المقام عن الإطلاق في ذاك المقام والحكم بأن مراده الجدي في الواقع هو الإطلاق ، لوضوح ان مراده لو كان في الواقع هو المقيد لم يتمكن من بيانه والإتيان بقيد ، ومعه كيف يكون إطلاق كلامه في مقام الإثبات كاشفاً عن الإطلاق في مقام الثبوت.
الأمر الثاني : أن يكون المتكلم في مقام البيان ولا يكون في مقام الإهمال والإجمال كما في قوله تعالى : «أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة» وقوله تعالى : «وقرآن الفجر» وما شاكل ذلك ، فان المتكلم في هذه الموارد لا يكون في مقام البيان ، نظير قول الطبيب للمريض اشرب الدواء فانه ليس في مقام البيان ، بل هو في مقام ان في شرب الدواء نفع له في الجملة ولا يمكن الأخذ بإطلاق كلامه ، مع ان بعضه مضر بحاله جزماً.
فالنتيجة ان المتكلم إذا لم يكن في مقام البيان لم يكن لكلامه ظهور في الإطلاق حتى يتمسك به.
نعم إذا كان المتكلم في مقام البيان من جهة ولم يكن في مقام البيان من جهة أخرى لا مانع من التمسك بإطلاق كلامه من الجهة التي كان في مقام البيان من تلك الجهة دون الجهة الأخرى ، وهذا في الآيات والروايات كثير : اما في الآيات فكقوله تعالى : «كلوا مما أمسكن» فانه إذا شك في اعتبار الإمساك من الحلقوم في تذكيته وعدم اعتباره لا مانع من التمسك بإطلاق الآية الكريمة من هذه الناحية والحكم بعدم اعتبار الإمساك من الحلقوم.
وأما إذا شك في طهارة محل الإمساك وعدمها فلا يمكن التمسك بإطلاق الآية من هذه الناحية ، لأن إطلاقها غير ناظر إليها أصلا فلا تكون