من غيرها ، فحينئذ ترجع من استمر بها الدم فيما فرضه من المثال الثاني بعد أن تحكم بحيضية خمسة ومضي أقل الطهر الى ما يقتضيه الأدلة من الأوصاف أو غيرها ، فتأمل جيدا.
لكن الإنصاف انه مع تكرر ذلك أي الطهر المتساوي والحيض لها زمانا كثيرا. يحصل به الاعتياد العرفي لا أرى مانعا من الالتزام به ، إذ يصدق عليها حينئذ انها تعرف أيامها ووقتها وأقرائها ، بل قد تكون هذه أقوى من غيرها في معرفة ذلك ، كما إذا مضى عليها السنون المتعددة في هذا الحال ، وحينئذ يحمل ما في الروايات على إرادة الاعتياد الشرعي ، وهو التكرر مرتين ، وذلك مخصوص بالحيض ، وإلا فالاعتياد العرفي لا ينضبط ، فلا يكون حينئذ فيها دلالة على نفي ذلك ، فتأمل فإنه نافع جدا.
وكيف كان فهل يشترط في تحقق الوقتية تكرر الطهرين متساويين وقتا كما عساه يظهر من الشهيد في الذكرى ، ومقتضاه عدم ثبوتها إلا بالدور الثالث ، فان انتهى الطهر الثاني بانتهاء الطهر الأول ثبتت ، وإلا فلا؟ الأقوى عدمه ، لصدق معرفة الوقت وانضباطه بدونه ، وهو الظاهر من ملاحظة الأخبار (١) أيضا ، وقال في الذكرى بعد ان نقل عن العلامة ما اخترناه من عدم الاشتراط : « وتظهر فائدته لو تغاير الوقت في الثالث ، فان لم يعتبر استقرار الطهر جلست لرؤية الدم ، وان اعتبرناه فبعد الثلاثة أو حضور الوقت ، هذا إن تقدم ، ولو تأخر أمكن ذلك استظهارا ، ويمكن القطع بالحيض ، لأن تأخر وقته يزيده انبعاثا » انتهى. وتبعه في ذلك شيخنا في الرياض ، وفيه ان إثبات الوقتية بما ذكرناه لا يستلزم تحيضها برؤية الدم ولو في غير الوقت ، بل أقصاه ثبوت ذلك فيه ، وأما في غيره فهي كالمبتدأة أو المضطربة كما يقتضيه ظاهر بعض كلمات الأصحاب ، وصرح به في جامع المقاصد وغيره ، كما انه هو أي الشهيد لا يحيضها بالرؤية في غير الوقت في الدور الرابع مثلا وان تكرر الطهر متساويا وصارت به وقتية.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ و ١٥ ـ من أبواب الحيض.