وأما إذا لم تعلم انه انقطاع برء أو فترة فيحتمل القول بوجوب الطهارة ، كما عساه يظهر من المنقول عن نهاية الأحكام تمسكا بأصالة عدم عوده والاحتياط ، لعدم العلم بصحة ما وقع من الطهارة الأولى ، ويحتمل العدم تمسكا باستصحاب صحة ما وقع ، وأصالة عدم الشفاء ، واستصحاب العفو عما وقع من الدم ، ولعله الأقوى ، ومثل هذا الحكم ما لو علمت انه لفترة لكن لم تعلم انها تسع الطهارة والصلاة أو لا ، بل لعل عدم وجوب الإعادة هنا أولى ، لما في التكليف بمجرد هذا الاحتمال من المشقة والحرج الذي لا يتحمل عادة ، مع أن أصل مشروعية هذا الحكم للتخفيف ، بل لعل الأخبار المكتفية بأفعال المستحاضة ظاهرة فيما قلنا ، لتحقق الفترات غالبا ، مع انها لم تعتبر فيما وصل إلينا من الأخبار.
ثم انه هل يجب عليها إذا انكشف بعد ذلك انه انقطاع برء إعادة ما فعلته من الصلاة بالطهارة الأولى أو لا؟ وجهان أيضا ، ينشئان من اقتضاء الأمر الاجزاء ، ومن انه تكليف ظاهر عذري ، وإلا فقد انكشف فساد طهارتها بذلك المتخلل الذي تعقبه هذا الانقطاع ، ولعله الأقوى ، ولا ينافي ذلك ما تقدم منا سابقا من الحكم بعدم الإعادة لو حصل الانقطاع بعد الصلاة ، لظهور الفرق بينهما بشمول الإطلاقات القاضية بالاجتزاء للأول دون ما نحن فيه فتأمل جيدا. ومما ذكرنا من المختار هنا يظهر الحال فيما تقدم أيضا ، وهي ما لو علمته انه انقطاع فترة لكنها لم تعلم أنها فترة تسع الطهارة والصلاة أو لا ثم انكشف بعد ذلك انها كذلك ، مع احتمال الفرق بينهما بأن الفترة انما تعتبر لو علمت بها ، أما مع عدم العلم وتجويزها مجيء الدم في كل آن فلا ، مع أصالة براءة الذمة من القضاء وغيره ، ولعله الأقوى أيضا ، ويشعر به ما عن العلامة في نهاية الأحكام ، حيث قال : « ولو انقطع لا للبرء بل كان من عادتها العود أو أخبرها به العارف فان قصر الزمان عن الطهارة والصلاة لم يجب إعادة الطهارة ، بل تشرع في الصلاة