عن الباقر عليهالسلام قال : « الجنب إذا أراد أن يأكل ويشرب غسل يده وتمضمض وغسل وجهه وأكل وشرب » وهما يقتضيان استحباب الوضوء لمريد الأكل والشرب ، أو غسل اليد خاصة ، أو مع غسل الوجه والمضمضة ، لا على كراهة الأكل والشرب بدون ذلك ، انتهى وأنت خبير بما فيه بعد ما سمعت من الأخبار المنجبرة بفتوى الأصحاب ، مع انه لا منافاة بينها وبين الروايتين ، بل قد يدعى إشعارهما بالكراهة أيضا.
نعم وقع هناك اختلاف في عبارات الأصحاب بالنسبة إلى رافع الكراهة وما يحصل به خفتها ، فقال المصنف وتخف الكراهة بالمضمضة والاستنشاق ولم أجد من وافقه على ذلك صريحا ، لكن عبارة السرائر قد تشعر به كالمنقول عن الاقتصاد والمصباح ومختصره والنهاية ، بل المعروف عندهم رفع الكراهة بالأمرين ، كما هو ظاهر المبسوط والغنية والمهذب والوسيلة والجامع والنافع والتذكرة والمنتهى والإرشاد والقواعد ، ونسبه جماعة إلى المشهور ، وفي ظاهر الغنية الإجماع عليه ، وكذا التذكرة ، ولعل ذلك كاف في المستند ، وإلا فلم أعثر في الروايات على ما يدل عليه ، بل ليس فيها تعرض لذكر الاستنشاق ، سوى ما عن الفقه الرضوي (١) من ذكرهما مع غسل اليدين كما هو فتوى الفقيه والهداية وعن الأمالي ، ولعله لذا قال في المعتبر بعد ذكر ذلك ونسبته إلى الخمسة وأتباعهم : « والذي أقوله أنه يكفيه غسل يده والمضمضة ، لما رواه زرارة عن الباقر عليهالسلام » الى آخره ، وكان عليه زيادة غسل الوجه ، لاشتمال مستنده عليه ، كما في النفلية لكن مع زيادة الاستنشاق مع خلو الخبر عنه ، ولعله أخذه من جهة تلازم المضمضة والاستنشاق غالبا ، فكان ذكر أحدهما يكفي عن الآخر ، وكان الأولى في المستند للمحقق خبر السكوني المتقدم ، وخير في المنتهى والدروس في رفع الكراهة بين الأمرين والوضوء ، ولا أعرف له مستندا واضحا عدا ما ستسمع ،
__________________
(١) المستدرك ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الجنابة ـ حديث ٢.