وما ذكره من الأخبار دليلا لا يمكن حملها عليه ، فتأمل. وعن المقنع « لا تأكل ولا تشرب وأنت جنب حتى تغسل فرجك وتتوضأ » وفي كشف اللثام « انه موافق لقول أحمد ، ولم أظفر له بمستند » انتهى. وكان جميع ذلك منهم لاختلاف ما سمعت من الأخبار ، ويظهر من بعض المتأخرين العمل بها جميعا ، وانها تزول الكراهة بها كلها لكنها مترتبة بالفضل ، فأكمل الجميع الوضوء ، ثم غسل اليد والمضمضة والاستنشاق وغسل الوجه ، ثم الثلاثة الأول ، ثم الأولان خاصة ، ثم الأول خاصة ، وهو أدنى المراتب ، وكان المستند للأول ما دل على ان الوضوء أفضل كما في صحيح عبد الرحمن ، وللثاني صحيح زرارة عن الباقر عليهالسلام مع زيادة الاستنشاق ، وللثالث الرضوي ، وللرابع خبر السكوني ، وللخامس ما في صحيح عبد الرحمن أيضا ، ولعل التأمل في الروايات بعد حمل مطلقها على مقيدها وحذف المكرر فيها يقضي بأن رفع الكراهة يحصل بالوضوء الكامل أي الذي معه المضمضة والاستنشاق ، فيدخل حينئذ غسل اليد والوجه في الوضوء ، إلا أنه يستفاد حصول الخفة بغسل اليد ، ولعل المراد بها من الزند كما يظهر منها حيث تطلق ، بل يمكن دعوى حصول الخفة بغيرها أيضا بحمل الروايات المشتملة على ذكر البعض على حصول التخفيف ، هذا ان لاحظنا مجموع الأخبار حتى الرضوي من غير نظر الى كلام الأصحاب ، وأما معه فلعل ما ذكره في المنتهى من التخيير في الرفع بين الوضوء والمضمضة والاستنشاق لا يخلو من قوة ، فيكون دليل الأول الأخبار ، ودليل الثاني الإجماع المدعى ، فتأمل جيدا.
ثم انه صرح جماعة من متأخري الأصحاب بأنه ينبغي ان يراعى في الاعتداد بهما عدم تراخي الأكل والشرب عنهما كثيرا في العادة بحيث لا يبقى بينهما ارتباط عادة ، وتعدد الأكل والشرب واختلاف المأكول والمشروب لا يقتضي التعدد إلا مع تراخي الزمان ، قلت : ويحتمل قويا انه حيث ترفع الكراهة بالوضوء لا يحتاج الى التعدد بتعدد