في الذكرى : انه يشعر كلام الشيخ في التهذيب بحرمة السبع أو السبعين ، ومن المعلوم ان هذا الترديد غير ملتئم بحسب الظاهر ، اللهم إلا أن يكون القائل بالحرمة مترددا غير جازم بأحدهما ، وأما احتمال كون الحرمة مقصورة على السبع أو السبعين ، أي فلا يحرم ما دون السبع حتى يبلغ السبع ، ولا ما فوقها حتى يبلغ السبعين فضعيف جدا لا يخفى استبشاعه ، وأيضا هما لا ظهور فيهما بالحرمة ، لمكان حمل الجملة الخبرية فيهما على الأمر الذي أقصى مراتبه الندب ، فيكون المفهوم حينئذ انتفاء الندب ، وهو أعم من الحرمة بل ومن الكراهة ، اللهم إلا ان يقال : إن السؤال فيهما عن مطلق الاذن في القراءة ، فتحمل الجملة الخبرية حينئذ على إرادة ثبوت الإذن بالنسبة الى هذا المقدار ، فيكون المفهوم انتفاء الاذن ، بل لو كان أمر صريح لكان المتجه حمله على الإباحة ، لكونه في مقام توهم الحظر ، فتأمل. والحاصل لا ينبغي الإشكال في عدم صلاحيتهما لإثبات الحرمة ، وكيف وستسمع المناقشة من بعض المتأخرين في إثبات الكراهة فضلا عن الحرمة.
( المقام الثاني ) عدم كراهة السبع ، ولا أعرف فيه خلافا إلا من ابن سعيد في الجامع ، حيث أطلق كراهة قراءة الجنب القرآن ، وسلار في المراسم ، حيث قال : انه يندب له ان لا يقرأ القرآن ، بل قد يظهر من الغنية دعوى الإجماع عليه ، وهو الذي يقضي به الأدلة المشتملة على الأمر بقراءة الجنب ، فضلا عن عموم ما دل على أصل الأمر بقراءة القرآن ، كقوله تعالى (١) ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) وغيره كتابا وسنة مع عدم المعارض سوى الروايتين الأولتين اللتين ذكرناهما سندا للقول بالحرمة ، وهما قاصرتان عن إفادة الكراهة وان كانت مما يتسامح بها ، لمكان ظهورهما في موافقة العامة ، ومعارضتهما لفتوى أكثر الأصحاب بعدم الكراهة ، بل ظاهرهم البناء على الندبية كما هو مقتضى بعض أدلتهم ، مع ان الاستحباب مما يتسامح في دليله أيضا ،
__________________
(١) سورة المزمل ـ الآية ٢٠.