فظهر لك من ذلك كله قوة القول بالوجوب ، وضعف القول بالندب كالإباحة أيضا ، فإنها ـ مع قلة القائل بها وعدم وجود ما يدل عليها سوى ما عرفته من توهم الحظر ، وانه لا وجه لاستحباب العبادة وللوجوب بعد المعارضة بما تقدم من الأخبار ، وفي الأول مع إمكان المنع ، وقيام مثله بالنسبة للأخبار المعارضة ـ ان مقتضاه كون العبادة مباحة ، فيقع فيما فر منه من القول بالاستحباب ، اللهم إلا ان يدعى مرجوحية الاستظهار ، فيراد حينئذ بالأمر بالاستظهار المرجوحية أي الكراهة ، وهو كما ترى ، وقد عرفت ان الثاني لا نقول به ، كما انه لا تعارض بين الأخبار ، هذا. وربما تسمع ما يؤيد المختار أيضا فيما يأتي.
وكيف كان ( فان استمر ) الدم ( الى العاشر وانقطع ) ظهر بذلك ان كله كان حيضا ( وقضت ما فعلته من صوم ) بعد اليوم أو اليومين للاستظهار ان لم يكونا تمام العشرة ، لتبين فساده بلا خلاف أجده عندهم في ذلك ، وبه صرح المصنف والعلامة والشهيدان والمحقق الثاني وغيرهم ، بل قد يظهر من بعضهم دعوى الإجماع عليه كما عن صريح آخر ، ويدل عليه مضافا الى ذلك قاعدة الإمكان ، وما دل عليها مما تقدم من الإجماع والموثق والحسن « إذا رأت المرأة قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الأولى » (١) والمرسل السابق ، واستصحاب أحكام الحائض الى غير ذلك مما مرت إليه الإشارة عن قريب ، ومع ذلك كله فقد توقف فيه في المدارك ، وتبعه بعض من تأخر عنه كصاحب المفاتيح والحدائق قائلا انه لا دليل عليه ، بل ظاهر أخبار الاستظهار الحكم باستحاضة ما بعدها حتى لو انقطع على العشرة ، واعترف به في الرياض ، بل ادعى وضوحها في ذلك ، لكن قال : ان قوة احتمال ورودها مورد الغالب يوجب
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الحيض ـ حديث ١١ والباب ـ ١١ ـ حديث ٣ والباب ـ ١٢ ـ حديث ١.