من قرب وان كان الجزم به لا يخلو من إشكال سيما بعد انصراف التشبيه الى الترتيب في غسل الجنابة لكونه المتعارف ، فتأمل.
وهل المراد بالارتماس هو استيلاء الماء على جميع أجزاء البدن أسافله وأعاليه المحتاج الى التخليل وغيره في آن واحد حقيقة ، فتجب النية حينئذ بناء على انها الصورة المخطرة بالبال ، وانه يجب مقارنتها حقيقة لأول العمل عند حصول الانغماس التام ، أو يراد به توالي غمس الأعضاء بحيث يتحد عرفا كما عن المشهور ، بل يظهر من بعضهم نسبته إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الإجماع عليه ، فتكون النية حينئذ عند أول جزء لاقى الماء لأنه من أجزاء الغسل ، أو انه لا يعتبر فيه شيء من ذلك ، حتى إذا نوى فوضع رجله مثلا ثم صبر ساعة بحيث نافى الدفعة العرفية فوضع عضوا آخر هكذا الى ان ارتمس أجزاؤه كما اختاره بعض متأخري المتأخرين ، فتكون النية كسابقه أيضا؟ أوجه بل أقوال ، وربما كان هناك وجه رابع ، وهو ان الارتماس مأخوذ من الرمس ، وهو التغطية والكتمان ، ومنه رمست الميت إذا كتمته ودفنته ، فيراد به تغطية البدن بالماء ، فأوله أول آنات التغطية ، وآخره آخر جزء انغسل في تلك التغطية ، فلا عبرة بما يغسل قبلها ، كما لا عبرة بما يغسل بعدها ، فلا مانع حينئذ من التخليل ونحوه في أثنائها ، بل يمكن القول بصدق الارتماس عرفا وان لم يحصل التخليل ، وانما أوجبناه لما يظهر من إيجاب استيعاب البشرة في تلك الغطة.
وقد وقع للأستاذ في شرح المفاتيح كلام ظاهر التدافع إلا على وجه بعيد جدا ، فإنه قال فيه : « ان الارتماس هو إدخال مجموع الجسد من حيث المجموع تحت الماء دفعة واحدة عرفية ، فأول الغسل هو شمول الجميع بالدفعة العرفية ، فالأجزاء التي تلاقي الماء أولا ليست من الغسل في شيء ، الى ان قال : فالارتماس شيء واحد عرفي ليس له ابتداء وانتهاء ، ولا يتصور وقوع الحدث في أثنائه ، ثم أورد على من ادعى