ثم انه كان على المصنف ان يقيد الجلوس باستقبال القبلة كما قيده بعضهم ، لدلالة بعض الأخبار المتقدمة كما انه دل أيضا على استحباب التحشي لكن لعل حملهما على المستحب في المستحب لا الشرطية لا يخلو من قرب ، سيما بالنسبة للثاني والله أعلم.
ثم من المعلوم انه لا يقوم مقام هذا الوضوء الغسل وان قلنا باجزاء المندوب منه عن الوضوء ، لظهور ان مراد القائل به هنا الاجتزاء عن الرافع منه للحدث لا مثل هذا الوضوء ، إذ ليس هو كذلك ، ولذا لا يصح فيه نية رفع الحدث بل ولا استباحة الصلاة ، نعم ينوي فيه القربة المحضة كما صرح به في المنتهى وغيره لكن قال في كشف اللثام : « انه لا يرفع حدثا ولا يبيح ما شرطه الطهارة بالنسبة الى غير هذا الذكر ، وأما بالنسبة إليه فوجهان ، وان لم يشترط فيه ارتفاع الحدث لكن يجوز اشتراط فضله به ، ولا ينافي دوام حدث ارتفاع حكمه أو حكم غيره » انتهى. وهو كما ترى مخالف لظاهر قوله عليهالسلام : ( أما الطهر فلا ) ولما هو المصطلح في معنى رفع الحدث ، لكن الأمر سهل ، ولعل ذلك اختلاف لفظي ، فتأمل. وهل يقوم التيمم مقام هذا الوضوء عند فقد الماء مثلا؟ وجهان بل قيل قولان ، إلا انه لم نعثر على قائل بالأول هنا ، ونص في التحرير والمنتهى وجامع المقاصد والمدارك على الثاني ، لأن التيمم طهارة اضطرارية ، ولا اضطرار هنا ، نعم نقل عن نهاية الأحكام انه استشكل ، قلت : ولعله مما تقدم ومن عموم ما دل (١) على تنزيل التراب منزلة الماء ، وهو لا يخلو من قوة ، بل ظاهر جامع المقاصد أو صريحه اختياره في مبحث الغايات ، ومنه ينقدح جواز التيمم بدل الأغسال المندوبة ونحوها ، فتأمل جيدا.
( ويكره لها الخضاب ) وهو مذهب علمائنا أجمع كما في المعتبر والمنتهى ، جمعا
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب التيمم ـ حديث ٣.