كل غسل عدا الجنابة ، ومن جميع ذلك ظهر لك مستند القول الثالث ، وهو الاكتفاء بالغسل والوضوء للصلاتين ، لما دل على ان في كل غسل وضوء مع عدم الدليل على الزيادة ، وربما يؤيده تعليق الأمر بالوضوء لكل صلاة على عدم ثقب الدم الكرسف في صحيحة معاوية بن عمار وغيرها ، وهو لا يخلو من قوة وان كان الأول أقوى لما عرفت.
وكيف كان فيجب عليها مع ذلك غسلان ، غسل للظهر والعصر تجمع بينهما ، وغسل للمغرب والعشاء تجمع بينهما بلا خلاف أجده كما نفاه عنه غير واحد ، بل حكي عليه الإجماع مستفيضا كالسنة (١) وقد تقدم سابقا جملة منها ، وفيها الصحيح وغيره ، وهل يعتبر في إيجاب الأغسال الثلاثة استمرار الدم الموجب لذلك الى العشاءين مثلا ، فان استمر الى الظهرين فاثنان ، وإلا فواحد كما عساه تشعر به عبارة العلامة في القواعد ، وأصرح منها عبارة جامع المقاصد ، كالمنقول عن الروض ، وفي الحدائق انه الظاهر من الأخبار ، أو يكفي فيها الاستمرار أو الحدوث قبل فعل الصلاة ولو لحظة كما في الرياض ، حيث قال : « وتجب الثلاثة مع استمرار الكثرة من الفجر الى الليل أو حدوثها قبل فعل الصلاة ولو لحظة ، ومع عدم استمرارها أو حدوثها كذلك فاثنان ان استمر أو حدث الى الظهر ، أو واحد ان لم يستمر ولم يحدث كذلك » انتهى. أو أنه يكفي في إيجاب الثلاثة استمرار الدم ولو لحظة بعد كل من غسلي الصبح والظهرين مثلا ما لم يكن الانقطاع للبرء ، كما انه يكفي في إيجاب الغسلين استمرار الدم ولو لحظة بعد غسل الصبح ، ومع عدمها فغسل واحد كما في كشف اللثام ناقلا له عن التذكرة قال : قال فيها : لو كان الدم كثيرا فاغتسلت أول النهار وصامت ثم انقطع قبل الزوال لم يجب غسل آخر عند الزوال لا للصوم ولا للصلاة ان كان للبرء ، وان كان لا له وجب لتحقق السيلان الموجب للغسل بإطلاق النصوص والفتاوى ، كما انها إذا انتفت
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة.