من فعلها مثلا لم تكتف به واحتاجت إلى إعادته على إشكال فيه ، بل وفي سابقه أيضا إذ يمكن ان يقال : ان هذا الحكم مما يكشف عن جواز تقديم الغسل بهذا المقدار من الزمان ، وإلا فلا وجه للحكم بكونها محدثة ان لم تصل ، وليست بمحدثة ان صلت فتأمل.
هذا كله بالنسبة إلى الغسل ، أما ما أوجب منها الوضوء كالاستحاضة القليلة بل والوسطى بالنسبة إلى الظهرين والعشاءين فالأقوى أنه كالغسل ، فمتى توضأت في أول الوقت ثم صلت في آخره مثلا لم يصح ، كما صرح به في المبسوط والخلاف والسرائر والجامع والبيان وغيرها ، وعن الوسيلة والإصباح ، بل لا أجد فيه خلافا صريحا إلا من العلامة في المختلف ، وتبعه العلامة الطباطبائي في مصابيحه مدعيا فيها انه ظاهر الأكثر حيث لم ينصوا على وجوب المعاقبة بين الطهارة وغاياتها المتعددة ، مع اكتفائهم بالطهارة الواحدة في الجميع ، ويرشد إلى الأول ـ مضافا الى الاحتياط اللازم مراعاته في خصوص المقام في وجه تحصيلا للبراءة اليقينية ، وإلى عدم ظهور الفرق بينه وبين الغسل في ذلك ، وقد تقدم ما يدل عليه هناك ، والى عدم ثبوت العفو عن هذا الدم في الزائد على هذا المقدار ، والى احتمال وجوب تخفيف الحدث بالنسبة إلى الصلاة كالخبث ، والى دعوى انه المنساق الى الذهن من الأمر بالوضوء لكل صلاة ، سيما ما كان منها مقرونا بالباء ، كقوله عليهالسلام (١) : « تصلي كل صلاة بوضوء » فتأمل ـ إيجاب تجديد الوضوء لكل صلاة ، إذ لو لم تقدح الفاصلة لم تجب إعادته ، والتزام صيرورة استمراره حدثا بمجرد فعل الصلاة لا مع عدمها كما ترى ، وقوله عليهالسلام في خبر الصحاف (٢) : « فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة » بناء على تعليق الظرف بالأول ، ولم نجد غيرها من الأخبار قد اشتملت على لفظ عند ، لكن في السرائر بعد ان ذكر وجوب المعاقبة قال : لأن قولهم عليهمالسلام : ( يجب الوضوء عند كل صلاة ) يقتضي المقارنة ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة ـ حديث ٩.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة ـ حديث ٧.