لا يقال : انه لا إشكال ولا نزاع في جريان أحكام الجنب عليه بعد البلوغ مثلا ، إنما الإشكال قبله ، لأنا نقول انه لا وجه لذلك ، إذ جريان الأحكام عليه بعد البلوغ انما هو لحصول وصف الجنابة ، والاتصاف بالجنابة غير موقوف على تحقق البلوغ ، وإلا لم يكن سبب الجنابة الانزال والجماع ، بل هو مع البلوغ ، وهو خلاف ظاهر النص والفتوى ، وبذلك كله تعرف انه لا وجه لما يقال : انه لا أقل من الشك في ان الانزال والجماع سبب للجنابة مطلقا ، أو هو بشرط البلوغ ، أو انه ليس من باب الأسباب أصلا ، بل من قبيل الأحكام ، والأصل براءة الذمة مما عرفته من انقطاع ذلك بظاهر النص والفتوى ، ثم انه قال في الذكرى : « وفي استباحة ما ذكر من الأحكام بغسله الآن وجهان ، وكذا في اكتفائه به لو بلغ ، والأقرب تجديده » انتهى. قلت : لا ينبغي الإشكال في صحة غسله واكتفائه بعد البلوغ به بناء على ان عبادة الصبي شرعية ، نعم يتجه الوجهان بناء على كونها تمرينية ، فإنه يحتمل جريان أحكام البالغ على غسله مثلا ، ويحتمل العدم ، ولعله الأقوى ، كما انه لا ينبغي الإشكال في وجوب تجديده لو بلغ ، لعدم رفع الحدث بالغسل الأول بعد كونه تمرينيا ، فلا يكون قوله الأقرب في محله ، ولعله بناه على الشرعية ، فإن له وجها بناء على كون المراد بالشرعية انه يستحب تشبهه بالبالغ لا انه تجري عليه الأحكام ، ولذا يجب عليه إعادة الصلاة لو بلغ في الوقت ، ولعل الأقوى خلافه ، وفرق بين المثال وما نحن فيه ، هذا كله في السبب.
وأما الحكم فيحرم عليه قراءة كل واحد من سور العزائم كما في المعتبر والمراسم وغيرهما ، وكثير من الأصحاب عبر بلفظ العزائم من دون ذكر لفظ السورة كما في الهداية وجمل الشيخ ومبسوطة والوسيلة والسرائر والنافع والمنتهى والتذكرة والقواعد والإرشاد والذكرى والدروس وغيرها ، والظاهر ان مراد الجميع سور العزائم كما يشعر به قوله جملة منهم ، وأبعاضها لظهور إرادة أبعاض السورة لا آيات العزائم ، بل في