ولعل مستند ( الثالث ) الجمود على ظاهر النص ، بناء على المعروف من روايته ، وما يقال : من عدم تعقل الفرق فيه انه لو سلم فعدمه بالنسبة إلينا لا يدل على نفيه في الواقع ، ودعوى الوصول الى حد القطع ممنوعة كل المنع ، وكذا ما قيل من الموافقة للقاعدة المتقدمة ، إذ نمنع كون مقتضاها ذلك ، لمكان تعارض حرمة اللبث مع حرمة المرور ، وترجيح الثانية على الأولى ترجيح من غير مرجح ، سيما مع زيادة زمان اللبث على زمن الخروج ، بل الظاهر إبقاء الحرمتين في الداخل عمدا ، فيكون كالداخل في الدار المغصوبة ، نعم إذا أمكن التيمم من غير لبث اتجه القول بوجوبه ، لما تقدم.
ومما يرشد الى عدم كونه موافقا للقاعدة أيضا انه لو كان كذلك لوجب القول بوجوب التيمم على الجنب في سائر المساجد ، بناء على ان الخروج منه أو الدخول ثم الخروج من باب واحد لا يدخل تحت مسمى الاجتياز ، فيكون قطعه حينئذ محرما على الجنب ، فيجب التيمم حينئذ له ، فلو دخل فيه مثلا جنب عمدا أو سهوا ثم أراد الخروج منه كان الواجب عليه حينئذ التيمم ، مع ان المصرح به في كلام بعضهم بل هو قضية كلام الجميع بل كاد يكون مقطوعا به عدم الوجوب ، بل عدم المشروعية عدا الشهيد رحمهالله فإنه ذكر استحباب التيمم للمحتلم في غير المسجدين للخروج معللا ذلك بكونه أقرب حينئذ إلى الطاهر ، وأنكر عليه بعض من تأخر عنه مشروعيته فضلا عن استحبابه ، وهو كذلك ، اللهم إلا ان يقال : ان عدم ذكرهم لإيجاب التيمم لعله من جهة البناء منهم على ان المحرم في سائر المساجد اللبث والمكث ، لا ان المحلل الاجتياز خاصة ، فيكون الخروج ليس بمحرم ، فلا يجب التيمم له ، نعم لو احتاج الجنب إلى المكث في المسجد وجب عليه التيمم من غير إشكال ، فيكون المكث في سائر المساجد كالاجتياز بالنسبة للمسجدين ، لكن قد عرفت فيما تقدم ان الذي تقتضيه الأدلة من الآية وغيرها حرمة ما عدا الاجتياز ، فيتعين عدم ذكرهم الإيجاب للوجه الأول ، وهو عدم الوجوب.