الإرادة : هي إرادة تفهيم المعنى وإخطاره باللفظ فعلا ، ولا إرادة إيجاد المعنى باللفظ إيجادا عرضيا ـ كما عن المحقق الأصفهاني ـ (١) ولا إرادة التلفظ باللفظ المنبعثة عن تعهد نفساني يقتضي التلفظ به في ذلك الظرف الخاصّ ـ كما هو مقتضى مسلك التعهد ـ كما لا محصل لتفسير الإرادة الاستعمالية بإرادة استعمال اللفظ في المعنى وإفنائه في مطابقه.
أما الأول ، فلحصول الاستعمال والإرادة في موارد عدم إرادة التفهيم وعدم كون اللفظ كاشفا فعلا عن المعنى ، كما في موارد الإتيان بالألفاظ المشتركة في مقام الاستعمال مع تعمد الإجمال وعدم نصب القرينة ، فان الاستعمال حاصل بلا إشكال مع عدم حصول التفهيم وإرادته.
وأما الثاني ، فلا موجب له إلا تخيل ان الوضع عبارة عن جعل اللفظ وجودا للمعنى وان الاستعمال باعتباره تنفيذا للوضع وجريا على طبقه يكون مرجعه إلى قصد اللفظ بما هو وجود تنزيلي للمعنى ، وقد عرفت حال المبنى سابقا. مضافا : إلى أن أي مبنى يختار في تصوير حقيقة الوضع انما يراد من أجل تبرير الدلالة وتفسيرها ، وبعد فرض قيامها فلا يتعين على الاستعمال أن يكون متطابقا مع ما هو المجعول من قبل الواضع.
وأما الثالث ، فهو مبني على التعهد. على أنه لا يوضح حقيقة تلك الإرادة وانما يبين كونها ناشئة عن التعهد والكلام الآن عن حقيقتها.
وأما الرابع ، فغير مفيد. لأن الكلام في تفسير الاستعمال الّذي هو متعلق الإرادة فتفسير الإرادة الاستعمالية بإرادة الاستعمال ليس مفيدا ، إلا أن يكون المقصود تفسير الإرادة الاستعمالية بإرادة ملاحظة اللفظ آلة للمعنى بحيث تؤخذ آلية اللفظ لحاظا في معنى الإرادة الاستعمالية والاستعمال ومرجع ذلك إلى دعوى تقوم الاستعمال باللحاظ الآلي للفظ ، وسيأتي تحقيق ذلك.
بل الإرادة الاستعمالية : عبارة عن إرادة التلفظ باللفظ ولكن لا بما انه صوت مخصوص بل بما انه دال بحسب طبعه وصالح في ذاته لإيجاد صورة المعنى في الذهن ،
__________________
(١) راجع نهاية الدراية ج ١ ص ٣٥ ( المطبعة العلمية ـ قم )