وهناك اتجاهان في تفسير مفاد هذه الجمل.
١ ـ ما ذهب إليه السيد الأستاذ ـ دام ظلّه ـ من وضع هيئات الجمل الناقصة للتخصيص ، كما تقدّم منه في الحروف. وقد عرفت أن التحصيص لا يكون إلا في طول نسبة بين المفهومين فلا بدَّ من دال عليها وليس غير الهيئة في الجملة الناقصة ما يمكن ان يفترض دالاً عليها.
٢ ـ ما ذهب إليه المشهور من وضع الجملة الناقصة بإزاء النسبة الناقصة.
والصحيح : أن الجمل الناقصة كقولنا ( ضرب زيد ) من قبيل القسم الأول من الحروف موضوعة للنسب التحليلية ، بمعنى أن ما بإزائها وجود ذهني واحد والنسبة جزء تحليلي للمركّب التحليلي الموجود بذلك الوجود ، ويستحيل فرض نسبة واقعية في هذا المجال ، لأنَّها تستدعي فرض صورتين متغايرتين ، إحداهما صورة زيد ، والأخرى صورة الضرب ، ومع فرض ذلك يتعذّر الربط بينهما بنحو يمكن الحكاية عن ضرب زيد الخارجي ، لأن إيجاد الربط بينهما إمَّا أن يكون بمفهوم النسبة الصدورية مثلاً ، أو بإيجاد واقع النسبة الصدورية ، أو بإيجاد نسبة واقعية أخرى غير النسبة الصدورية ، والكل باطل كما تقدّم نظيره في الحروف ، أمَّا الأول فلأنَّه مفهوم اسمي ولا يحصل به الربط ؛ وامَّا الثاني فلاستحالة قيام نسبة صدورية ونحوها بالحمل الشائع بين الصور الذهنية ، لأن إحداهما لم تصدر عن الأخرى وليست من أعراضها بل كلتا هما من عوارض النّفس وصادرتان عنهما ، وأمَّا الثالث فلاستحالة الحكاية عن سنخ نسبة بسنخ نسبة أخرى. فلا بدَّ إذن من فرض وجود ذهني وحداني وهذا الوجود وجود لمركّب تحليلي أحد أجزائه النسبة ، وما هو نفس الحقيقة بالنظر التصوري وغيرها بالنظر التصديقي انَّما هو نفس ذلك الوجود الوحدانيّ على النحو الّذي أوضحناه في الحروف ، وسيأتي مزيد توضيح لمفاد الجملة الناقصة في الفرق بينها وبين الجمل التامة.
هذا على العموم ، وبالتدقيق يتّضح أن الجمل الناقصة التي تشتمل على نسب ناقصة تتواجد في مواردها نسبة حقيقية من نحوين : أحدهما : نسب حقيقية خارجية ، كما في النسبة القائمة بين الضرب وزيد في جملة الإضافة ( ضرب زيد ). والآخر : نسب حقيقية قائمة في صقع الذهن لما تقدّم من أنَّ النسب الثانوية نسب قائمة في صقع