لتباين الخصوصيات ، وان ألغينا خصوصية الطرفين لم تبق نسبة إذ لا تقرر للنسبة إلاّ بطرفيها فلا يمكن الحصول على جامع بين النسبتين ، وعلى هذا الأساس فالجامع الّذي يفترض المحقق العراقي ( قده ) انّه لا يرد إلى الذهن إلاّ مع الخصوصيات إن كان في تقرّره الماهوي مستقلاً فهذا خلاف البرهان المذكور وإلاّ فهو مساوق لعدم الجامع.
الثاني : انّا لو سلّمنا تعقّل الجامع المذكور الّذي أفاده فهذا لا يفيد في إثبات كون الإفادة بنحو تعدد الدال ، لأنّ تعدد الدال والمدلول انّما يتعقّل في فرض يمكن فيه تعدد الانتقال وهو في المقام غير معقول لأنّ المفروض عدم إمكان الانتقال إلى الجامع إلاّ في ضمن الخاصّ ومع وحدة الانتقال لا معنى لتعدد الدال بل ولا لتعدد الوضع.
الثالث : انّ استدلاله على مدعاه قدسسره بشهادة الوجدان بتبادر الحيثية المشتركة غير واضح لأنّ الحيثيّة المشتركة لا يمكن أن ترد إلى الذهن إلاّ في ضمن الخاصّ كما افترضه ، وعليه فان ادعي شهادة الوجدان بعدم الانتقال إلى الخصوصية فهو خلف الفرض ، وان ادّعي شهادة الوجدان بعدم الانتقال من ناحية نفس الحرف إلى الخصوصية فهذا لا ينافي ما ندّعيه من كون الحرف موضوعاً بوضع ضمني على نحو الوضع العام والموضوع له الخاصّ فان مقتضى ذلك انّ الخصوصية مستفادة من المجموع لا من الحرف مستقلاً.
وبالإمكان صياغة برهان آخر على مدّعى المحقق العراقي مركب من أمرين : أحدهما : وجداني ، وهو إدراك وجود تشابه بين النسب الابتدائية على نحو لا يوجد بين نسبة ابتدائية ونسبة ظرفية. والآخر : برهاني ، وهو انّ كلّ تشابه بين أمرين يرجع لا محالة إلى اشتراكهما في حيثية واحدة إذ مع التباين في كلّ الحيثيات لا يبقى فرق بين مباين ومباين ، فإذا تقرّر هذان الأمران يستكشف على أساسهما وجود حيثية مشتركة بين النسب الابتدائية ، وهذه الحيثية ليست عرضية وطارئة لوضوح انّ التشابه ملحوظ بين النسبتين الابتدائيتين بقطع النّظر عن أيّ عارض وطارئ ولا يمكن تصوّر زوال التشابه بزوال هذا العارض أو ذاك فيتعيّن أن تكون الحيثيّة المشتركة ذاتية وبذلك يثبت الجامع الحقيقي بين النسبتين.
وببيان آخر : إن النسب الابتدائية مثلاً ينتزع منها جميعاً مفهوم اسمي واحد