اشتراط استقلالية العروض فليس غير الأقسام الثلاثة الأولى عرض ذاتي فيما تقدم من الأقسام.
وبهذا أبطل ما اشتهر بينهم من أن العرض الذاتي ما يعرض بلا واسطة أو مع واسطة مساوية ، إذ الواسطة إذا كانت تقييدية فالعرض غريب لأن العروض غير حقيقي وإن كانت الواسطة مساوية ، وإذا كانت تعليلية فالعروض ذاتي وإن كانت الواسطة غير مساوية ، فالمناط تعليلية الواسطة لا مساواتها مع ذي الواسطة.
وفيما يلي تعليقنا على ما أفاده هذا المحقق من عدة نقاط.
١ ـ ان ما أسنده إلى كلمات الحكماء من كون مناط ذاتية العرض استقلالية العروض غريب في بابه ، فان كلام المحقق الطوسي ( قده ) الّذي استشهد به في إثبات مدعاه أيضا ـ صريح في خلاف ما أفاد وكأنه لم يلاحظ ذيله الّذي قال فيه « ... العلوم تتناسب وتتخالف بحسب موضوعاتها فلا يخلوا اما أن يكون بين موضوعاتها عموم وخصوص أم لا يكون ، فان كان فاما أن يكون على وجه التحقيق أو لا يكون ، والّذي يكون على وجه التحقيق هو الّذي يكون العموم والخصوص بأمر ذاتي وهو أن يكون العام جنسا للخاص كالمقدار والجسم التعليمي الذين أحدهما موضوع الهندسة ، والثاني موضوع المجسمات ، والعلم الخاصّ الّذي يكون بهذه الصفة يكون تحت العام وجزءا منه ، والّذي ليس على وجه التحقيق هو الّذي يكون العموم والخصوص بأمر عرضي وينقسم إلى ... وبعد أن قسم هذا إلى قسمين أيضا ـ قال : والعلم الخاصّ الّذي يكون على هذين الوجهين يكون تحت العام ولكنه لا يكون جزءا منه » (١).
وكأن المحقق العراقي ( قده ) لاحظ صدر هذا الكلام فاستفاد منه أن الموضوعين اللذين يكون أحدهما أعم من الآخر وجنسا له يكون كل منهما موضوعا لعلم مستقل ، فالبحث عن عوارض الموضوع الأخص لا يكون من مسائل العلم الّذي يبحث عن الموضوع الأعم وهذا يعني أن عوارض الموضوع الأخص لا تكون أعراضا ذاتية للموضوع الأعم وإن كان الأعم جزءا من الأخص كالجنس بالنسبة للنوع. وهذا كما يدل
__________________
(١) شرح الإشارات للمحقق الطوسي ج ١ ص ٣٠٢ ( ط ـ طهران )