وأيضا تختم بحوث علم الأصول بخاتمة في التعارض الواقع في الأدلة والأصول وأقسامه وأحكامه.
مقارنة بين التقسيمين
والملحوظ ان التقسيم الثاني أقرب إلى المنهج القديم في الدراسات الأصولية ؛ حيث كان يدرج فيها البحث عن حجية الخبر في البحث عن السنة لكونه عن عوارض السنة ، أي مثبتات الدليل الشرعي ، في حين ان التقسيم الأول أوفق بالمنهج المتداول في الدراسات الأصولية الحديثة.
كما أنه يتميز التقسيم الثاني بأنه يلحظ فيه تقسيم البحوث إلى مجاميع بنحو متطابق مع أنحاء تجمعها في مجال الاستدلال الفقهي ، فالقواعد الأصولية العامة في الدليل اللفظي ، كأبحاث الأوامر والنواهي وغيرها ، لا تنفصل عادة في مجال التطبيق والاستدلال الفقهي عن القواعد الأصولية الدخيلة في إثبات السند ، كحجية خبر الواحد والتواتر والسيرة والإجماع. لأن الفقيه حينما يستنبط الحكم من دليل لفظي يلتفت إلى دلالته وسنده معها ويعمل القواعد الأصولية المناسبة في كل من الجهتين ، فالتقسيم المذكور يراعي ذلك ويوحد التبحث عن مجموع تلك القواعد تحت عنوان الدليل الشرعي. وهذا معنى ان التصنيف فيه بنحو يناظر وضع القواعد الأصولية في مجال التطبيق والاستدلال الفقهي بينما ليس التقسيم الأول كذلك ، لأن أبحاث الظواهر والألفاظ فصلت فيه عن بحث حجية الخبر ، بل عن بحث حجية نفس الظهور أيضا مع أن الظهور وحجيته عنصران متلازمان عند الاستناد إليهما في عملية الاستدلال الفقهي.
وفي مقابل ذلك يتميز التقسيم الأول بإجراء التصنيف على أساس نوع الدليليّة للقاعدة الأصولية وتجميع كل مجموعة تتفق في سنخ الدليليّة وفي كونها لفظية أو عقلية برهانية أو استقرائية أو تعبدية بجعل الشارع في نطاق مستقل. وهذا يتيح الحديث في كل نطاق من نطاقات هذا التصنيف عن سنخ تلك الدليليّة التي هي السمة المشتركة للقواعد الأصولية الداخلة في ذلك النطاق ومنهجها وقواعدها العامة. فالأدلة