أنها صورة الماء وبناء على أن كل مستعمل واضع كما يختار السيد الأستاذ بإمكان هذه الصيغة ان تقول : ان كل استعمال هو وضع اعتباري ، بمعنى انه وضع للفظ اعتبارا على الصورة الذهنية الثابتة في ذهن المستعمل للدلالة على أنها ماء أو هواء أو غير ذلك من المعاني ، فالصورة الذهنية في الوضع الاعتباري بمثابة المكان في الوضع الحقيقي وكونها صورة للمعنى الفلاني بمثابة كون هذا المكان فرسخا أو فرسخين.
وعلى هذا يصح أن يقال : في كل من الوضع الحقيقي والوضع الاعتباري ان الموضوع له هو الدلالة على قضية والموضوع عليه هو المعنى الأفرادي المتحصل من تلك القضية ، وبهذا يكون التغاير بين الموضوع عليه والموضوع له محفوظا دائما.
والصحيح في الجواب عن أصل الصيغة : أن مجرد جعل شيء على شيء آخر حقيقة فضلا عن جعله اعتبارا لا يعطيه صفة يكون بها سببا حقيقيا له. وإن شئت قلت : ان الوضع الاعتباري لا يكون أحسن حالا من الوضع الخارجي الحقيقي ، ونحن نلاحظ في الوضع الحقيقي ان مجرد وضع الشارة الحمراء على موضع الخطر لا يكفي لحصول الدلالة المطلوبة ما لم تضم إليه عناية أخرى ، كالتعهد والالتزام بأن لا توضع الشارة الحمراء إلا لذلك ، فلا بد من إبراز نكتة أخرى قد تكفي وحدها لتفسير السببية بين اللفظ والمعنى بلا حاجة إلى الوضع الاعتباري.
هذا ، مضافا : إلى أن الفرق بين العلقة الوضعيّة وبين العلامات الموضوعة أساسا ليس من ناحية كون وضع اللفظ اعتباريا ادعائيا ووضعها حقيقيا خارجيا ، بل بينهما فرق جوهري في نوع العلاقة المتولدة فيهما فان العلاقة بين اللفظ والمعنى علاقة تصورية لا تقتضي أكثر من التلازم والتداعي بين تصور اللفظ وتصور المعنى ، بينهما هي في العلامات الخارجية علاقة تصديقية بين وجود العلامة ووجود ذيها خارجا فلا يصح التوحيد بينهما في المناشئ والآثار واعتبارهما من واد واحد.
الصيغة الثانية : اعتبار اللفظ وجودا تنزيليا للمعنى بوجوده الخارجي ومتحدا معه فتسري إليه آثاره التي منها تصوره عند الإحساس به.
وقد ناقش فيها السيد الأستاذ ـ دام ـ ظله ـ بما يرجع إلى مجموع أمرين.
الأول : ان هذا الاعتبار لا بد وان يرجع إلى الحكومة والتنزيل بلحاظ الآثار.