وأما الخنثى المشكل ففي جامع المقاصد أنه بالنسبة الى الرجل والخنثى كالمرأة ، وبالنسبة إلى المرأة كالرجل ، لتوقف يقين امتثال الأمر بغض البصر والستر على ذلك ، ثم حكى عن بعض العامة جواز نظر المرأة والرجل إليها وبالعكس ، استصحابا لما كان ثابتا في الصغر من حل النظر حتى يظهر خلافه ، وليس بشيء ، لوجود الناقل عن ذلك ، والاشتباه غير مخل بتعلق الحكم ، لكن لو شكت المرأة في كون الناظر رجلا أو شك الرجل في كون المنظور إليه امرأة يلزم القول بالتحريم ، وهو محل تأمل.
ويمكن الفرق بإمكان استعلام الحال بخلاف الخنثى ، ومن ثم وجب الاحتياط في التكاليف المتعلقة به ، قلت : لا يخفى عليك ما في الفرق المزبور ، كما أنه لا يخفى عليك ما في جريان المقدمة في نظر كل من الرجل والمرأة إليه ، ضرورة كون ذلك من محال أصل البراءة ، لاشتراط الحرمة بالنسبة الى كل منهما بالرجولية والأنوثية ، والفرض عدم العلم به ، والشك في الشرط شك في المشروط ، ولا يجب على كل منهما ترك النظر مقدمة لحصول تكليفه وتكليف شخص آخر غير ، ولعله لذا حكي عن جماعة من العامة الجواز ، معللين له بالاستصحاب في حال الصغر ، بل أيده بعضهم بما ذكره في الجنائز من أنه يغسله الرجال والنساء ، بل ربما يتخيل جريان أصل البراءة في تكليفه نفسه ، فيجوز له حينئذ النظر الى كل من الرجل والمرأة وإن علم تحقق أحد الخطابين بالنسبة اليه إلا أن كلا منهما مشروط أيضا بشرط غير معلوم التحقق ، فيكون الشك فيه شكا بالمشروط ، وليس هو من الشبهة المحصورة التي تحقق فيها شرط التكليف ولكن اشتبه عليه خصوص الفرد اشتباها لا يسقط التكليف ، وفي الفرض لم يعلم فيه حصول شرط أحد التكليفين ، فيتمسك حينئذ بأصل البراءة.
على أنه يمكن دعوى كون ذلك من الشبهة الغير المحصورة ولو باعتبار العسر والحرج عليه في اجتناب كل من الرجل والمرأة ، والاحتياط في التكليف انما توجبه بعد القطع بالشغل لا مطلقا ، ولذا يجب عليه ستر جميع بدنه في الصلاة كالمرأة ،