لكنه كما ترى تأباه أدلة كلا الطرفين ، على أن محل البحث في أن الوجه والكفين عورة بالنسبة إلى النظر أو ليسا بعورة كما في الصلاة وإن يزيد القدمان فيها معهما ، فدعوى كونهما ليسا بعورة في النظر الأولى العمدي دون الثاني واضح الضعف.
على أن محل البحث مع الأمن من الفتنة ، فلا وجه للفرق بينهما بذلك ، كما أنه لا وجه للحكم على إطلاق تلك الأدلة كتابا وسنة بالمراسيل الغير الظاهرة الدلالة ، بل يمكن دعوى ظهورها في إرادة النهي عن اتباع النظر الاتفاقي بالنظر العمدي ، كما هو الواقع غالبا ، فيكون حينئذ دليلا للمختار.
وكيف كان ففي المتن وغيره وكذا الحكم في نظر المرأة الى الرجل ، وأنه غير جائز إلا إلى وجهه وكفيه مرة عند المصنف ومن وافقه ، قيل : لوجود المقتضى فيهما ، ولقوله تعالى (١) ( قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ ) لكن فيه ـ بعد الإغضاء عن اقتضاء ذلك التفصيل الذي ذكره المصنف ـ أن مقتضى المنع من الآية وغيرها متحقق إنما الكلام في الاستثناء ، وليس إلا دعوى التلازم ، وأنه متى جاز له النظر الى ذلك منها جاز لها النظر إليهما منه ، وفيه منع إن لم يكن إجماعا كما ادعاه في الرياض ، قال : « تتحد المرأة مع الرجل ، فتمنع في محل المنع ، ولا تمنع في غيره إجماعا » وفي محكي التذكرة منع أكثر علماؤنا نظر المرأة الي الرجل كالعكس ، فلا يجوز لها النظر إلا إلى وجهه وكفيه ، بل قد يشهد له انسياق اتحاد المراد من لفظ « من » في الآية ، فبناء على إرادة ما عدا الوجه والكفين منها في المؤمن يتجه ارادة ذلك في المؤمنات ، مضافا إلى دعوى العسر والحرج ، وإن كان فيهما معا منع ، إلا أنه يسهل الخطب عندنا ما عرفته من أن الأقوى الحرمة ، فيحرم حينئذ ذلك منها أيضا كما يحرم منه.
أما مع التلذذ والفتنة فلا إشكال ولا خلاف في حرمته ، ولعل منه المروي
__________________
(١) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣١.