بالنيات.
ثم لا يخفى عليك عدم اختصاص أكثر هذه الأحكام بوليمة العرس ، بل هي شاملة لغيرها أيضا وإن قلنا باختصاص اسم الوليمة بالطعام المتخذ للعرس على وجه يحتاج إطلاقها على غيره الى قيد ، كوليمة الختان ونحوه ، كسائر المجازات ، بخلاف المطلق الذي هو للأول ، وإن كان ذلك لا يخلو من نظر أو منع ، بل الظاهر تناول اسم الوليمة للجميع ، فهي للقدر المشترك حينئذ ، نعم قد يقال للطعام المتخذ للولادة : الخرس والخرسة ، وعند الختان العذيرة والاعذار ، وعند إحداث البناء الوكيزة ، وعند قدوم الغائب النقيعة ، وللذبح يوم سابع المولود العقيقة ، وعند حذاق الصبي الحذاق وهو بفتح أوله وكسره تعلم الصبي القرآن أو العمل ، والمأدبة اسم لما يتخذ من غير سبب ، لكن ذلك لا تقتضي اختصاص اسم الوليمة ، في طعام العرس ، بل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) : « لا وليمة إلا ـ في خمس : في عرس أو خرس أو عذار أو وكار أو ركاز ». ـ أى التزويج والنفاس بالولد والختان وشراء الدار وقدوم الرجل من مكة ـ يقتضي عدم اختصاصها بذلك ، بل لعل التأمل الصادق في نحو هذا التركيب يقتضي ظهوره فيما قلناه من كونها للقدر المشترك ، والأمر سهل ، والله العالم.
وكيف كان فلا خلاف في جواز نثر المال في الأعراس مأكول وغيره ، وليس من السفه ، والسرف ، نعم الظاهر عدم ثبوت الاستحباب فيه بالخصوص ، كما عن بعض العامة ، لكونه من متممات أغراض السرور المطلوب في هذه المواضع ، ولا الكراهة لكونه باختلاس وانتهاب ونحو ذلك مما يؤدى الى الوحشة والعداوة ، ولأنه قد يأخذه غير من يحب صاحبه ، لكن إثباتهما بمثل ذلك كما ترى.
وعلى كل حال أكل ما ينثر في الأعراس جائز بلا خلاف ، ولا إشكال عملا بشاهد الحال الذي عليه السيرة في سائر الأعصار والأمصار من غير فرق في النثر بين جعله عاما وخاصا بفريق معين ، وإن اختص الجواز حينئذ في الثاني بذلك الفريق ، كما لو وضعه بين يدي القرى ونحوهم ، فلا يجوز لغيرهم الأكل منه إلا
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٥.