المسألة ( الثانية )
من الفقهاء من زعم أنه لا يجب على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم القسمة بين أزواجه بل في كنز العرفان أنه المشهور بين أصحابنا لقوله تعالى (١) ( تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ ) أي تؤخر من تشاء وتترك إيواءه فلا تقسم له ، وتؤوي إليك من تشاء وتقسم له ، ثم لا يتعين عليك ذلك بل تؤوي أيضا من تشاء ممن عزلت ، أي وترجي من تشاء ممن أويت ، كل ذلك لا جناح عليك فيه ، وهو أدنى أن تقر أعينهن ـ الآية ـ لعدم كونه قسمة ، بل الجميع متساويات في ذلك ، ولذلك قبل : إنه لما نزلت أرجى سودة وجويرية وصفية وميمونة وأم حبيبة وكان يقسم بينهن ما شاء ، وآوى عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب ، فكان يقسم بينهن ، فيكون ذلك من خواصه صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا ، وأن ما كان يفعله من القسمة حتى روي أنه (٢) كان يطاف به وهو مريض عليهن ويقول « هذا قسمي فيما أملك وأنت أعلم بما لا أملك يعنى قلبه » تفضل منه ، أو أنه كان قبل نزول الآية ، وربما يؤيد ذلك بكون نكاحه صلىاللهعليهوآلهوسلم كالتسري بالنسبة إلى غيره ، ولذا جاز له الزيادة على الأربع وبلا مهر ، وبلفظ الهبة ، ولكن مع ذلك قال المصنف وهو ضعيف لعموم أدلة القسمة ، والأصل الاشتراك ، ولأن فعله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان كذلك ولأن في الآية احتمالا يدفع دلالتها ، إذ يحتمل أن تكون المشية في الإرجاء متعلقة بالواهبات وفيه أن الأولين يقطعهما الدليل ، والثالث قد عرفت أنه كان تفضلا أو قبل نزول الآية ، والاحتمال لا يرفع الظهور الذي هو مناط الاستدلال ، على أن جمع الضمير هنا وأفراده في الواهبة كالصريح في نفي ذلك ، بل في المسالك أنه لم يتزوج بالهبة إلا مرة واحدة على ما ذكره المفسرون
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٥١.
(٢) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٩٨.