ولا ينافيه اعتبار المصلحة شرعا الذي هو شرط تصرف الوصي ، ضرورة كون الوصي كالوكيل ينتقل اليه كلما كان للموصي فعله حيا ولا سيما بعد اعتراف الخصم بأن للوصي أن يزوج من بلغ فاسد العقل إذا كان به ضرورة إلى النكاح بل نفى بعضهم الخلاف عن ثبوتها في ذلك ، بل عن ظاهر الكفاية الإجماع عليه ، بل عن القطيفي دعواه صريحا إذ لو كانت غير قابلة لذلك لم تثبت ولايته عليه في هذا الحال ، بل تكون حينئذ للحاكم ، ودعوى كونها حينئذ مثل الإنفاق يدفعها إمكان كونها مثله قبل البلوغ أيضا ، ضرورة عدم انحصار مصلحة النكاح في الوطء ، بل له مصالح أخر أيضا كثيرة بها يندرج في قوله تعالى (١) : ( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ) ونحوه ودعوى عدم المصلحة أصلا في النكاح للصغير ـ ولذا لم يجز للحاكم والوصي ونحوهما ممن يعتبر في تصرفه المصلحة التزويج ، بخلاف الأب والجد الذي لا يعتبر في تصرفهما ذلك ، بل يكفي عدم المفسدة والوطء فعلا هو المنفعة المقصودة من النكاح ، وهو ممتنع في الصغير بخلاف البالغ ـ يدفعها ما عرفت من صدق الإصلاح في النكاح بمعنى العقد عرفا ولو من غير جهة الوطء كما هو واضح.
فالأقوى حينئذ ثبوت ولايته على الصغير في النكاح مع الغبطة ، كباقي التصرفات ، وفاقا للمحكي عن المبسوط والخلاف والجامع وغاية المراد وموضع من المختلف والكركي بل لا فرق بين تصريح الموصى وبين إطلاقه إلا بالصراحة والظهور ، وهو غير مجد بعد اعتبارهما معا ، نعم لو فرض انسياق غير ذلك منه اتجه العدم ، وهو غير محل البحث ، كما أن الأقوى عدم الفرق في الصورة المستثناة بين الذكر والأنثى ، فما عساه يظهر من بعضهم من تخصيص الاستثناء بناء عليه في الذكر لا وجه له.
وأما المحجوز عليه للتبذير ف لا يجوز له أن يتزوج غير مضطر إذا كان فيه إتلاف لما له ، بلا خلاف أجده فيه ، بل ولا إشكال معتد به ، بل لو أوقع كان العقد فاسدا وإن أذن له الولي به ، لعدم جوازها له حينئذ فلا
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٢٠.