أن ذلك لا يزيد على اشتراط التكليف المتحقق في الفرض ، باعتبار أن ما بالاختيار لا ينافي الاختيار ، وليس هو شرطا زائدا على اشتراط التكليف كي يتجه ارتفاع الحد بارتفاعه ، ولا يخفى على من أحاط بالنصوص (١) الواردة في تحريم الخمر وكل مسكر أنها ظاهرة أو صريحة في أن السكران في أفعاله بمنزلة الصاحي في أفعاله ، فيترتب ما يترتب عليه من قود وحد ونفي ولد وغير ذلك ، وهو معن ى قولهم (٢) عليهمالسلام : « إن الخمر رأس كل إثم » وعدم توجيه الخطاب اليه باعتبار ارتفاع قابليته لذلك لا ينافي ترتب الأحكام ولو للخطاب السابق على حال السكر ، كما هو واضح لا يحتاج إلى إطناب.
فتحصل من ذلك أن وطء الشبهة ثلاثة أقسام : ( الأول ) الوطء الذي ليس بمستحق مع اعتقاد فاعله الاستحقاق ، لجهل بالموضوع أو جهل بالحكم الشرعي على وجه يعذر فيه. ( الثاني ) الوطء الذي ليس بمستحق مع عدم اعتقاد فاعله الاستحقاق ، إلا أن النكاح معه جائز شرعا ، كالمشتبه بغير المحصور ، والتعويل على إخبار المرأة. ( الثالث ) الوطء الغير المستحق ، ولكن صدر ممن هو غير مكلف ، كالنائم والمجنون والسكران بسبب محلل ونحوهم ، وما عدا ذلك والنكاح الصحيح الذي قد عرفت كله زنا ، هذا.
ولكن قد يشكل أولا بخروج المكروه اللهم إلا أن يتكلف دخوله في الثالث بإرادة ارتفاع التكليف بالحرمة ، وثانيا بخروج التكون من مائه بمساحقة أو غيرها مما هو ملحق به شرعا ، وقد يدفع بكون المراد هنا ثبوت النسب من حيث الوطء ، وثالثا بأن ظاهر عبارات الأصحاب يقتضي تحقق الشبهة بمجرد الظن وإن لم يكن من الظنون المعتبرة شرعا ، بل حصولها مع احتمال الاستحقاق مطلقا ولو مع الشك أو ظن الخلاف ، فإنهم أطلقوا القول بلحوق الولد فيما إذا تزوج امرأة بظن أنها
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٩ و ١٥ ـ من أبواب الأشربة المحرمة كتاب الأطعمة والأشربة.
(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الأشربة المحرمة الحديث ٤ و ٧ من كتاب الأطعمة والأشربة.