أو الثاني ، ولو أولم في الثالث كره الإجابة ».
وقد يناقش في الأخير بعدم استلزام كراهة الوليمة للمولم في الثالث كراهة الإجابة المأمور بها ، بل قد عرفت أنها من حق المؤمن على المؤمن ، كما أنه قد يناقش في سابقه بأنه لا فرق في استحباب الإجابة بين الدعوة العامة والخاصة ، نعم ما ذكره من المثال ليس من الدعوة حتى لو وجهه الى خاص لم يبعد عدم الاستحباب أيضا ، بخلاف ما لو نادى وقال « إنى أدعو جميع أهل الدار أو أهل المحلة » أو نحو ذلك على وجه أسمعهم نداءه ودعاءه ، بل قد يناقش أيضا في اشتراط التعميم ، لإطلاق أدلة الإجابة ، وكونها شرا بالنسبة إلى المولم لا يقتضي كونها شرا للمجيب ، خصوصا إذا كان هو فقيرا ، بل وجود المناكير فيها على وجه لا يستلزم إثمه لا يقتضي عدم استحباب الإجابة.
وعلى كل حال فلو كان الداعي اثنان فصاعدا ، قدم الأسبق ، فإن جاءا معا ففي المسالك أجاب الأقرب رحما ثم الأقرب دارا كما في الصدقة ، وقد روى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) انه قال : « إذا اجتمع داعيان فأوجب أقربهما إليك بابا ، فان أقربهما إليك بابا أقربهما إليك جوارا فان سبق أحدهما فأجب السابق » قلت : ومع تعارض المرجحان فالقرعة ، بل لعلها متجهة حال عدم المرجح الشرعي مطلقا.
وكما تستحب الإجابة يستحب الأكل الذي هو الغرض من الدعوة ، ولما في تركه من الوحشة وكسر قلب الداعي خصوصا في بعض الأحوال من بعض الأشخاص ، مضافا إلى قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) « من كان مفطرا فليطعم » بل عن بعض من أوجب الحضور إيجاب الأكل ولو لقمة ، لما عرفت ، ولأن المقصود من الأمر بالحضور الأكل ، فكان واجبا ، وفيه منع انحصاره المقصود فيه ، بل مجرد الإجابة كاف في جبر القلب ، ولهذا كلف الصائم بالحضور واجبا من غير أكل ، ويمنع حصول الوحشة مع إكرامه واجابة دعائه واجتماعه مع الجماعة ، والتوعد المذكور إنما هو على ترك الإجابة ، لا الأكل كما هو واضح.
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٧٥.
(٢) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٦٣.