تسهيل لذلك ، وما فيه من السببية لنعمة الوجود للأولاد التي هي نحو نعمة الله في الخلاقية ، ومن ثم قرنت طاعة الأبوين بطاعة الله (١) عز وجل والشكر لهما بالشكر له (٢) قال الله تعالى ( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) ولأن الأولاد أعضاد في الدنيا إذا أدركوا ، وشفعاء للأبوين ما لم يدركوا ومن هنا قال (٣) زكريا عليهالسلام ( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً ) ووصف الله المؤمنين فقال ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ) (٤) مضافا إلى ما فيه من تكثير الأمة والمسلمين ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٥) : « ما يمنع المؤمن أن يتخذ أهلا لعل الله يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلا الله » وإلى ما فيه من إبقاء النوع ، ولذا خلق الله الشهوة في الإنسان حسب ما خلق فيه الشهوة إلى الطعام والشراب إبقاء للنفس ، ومن المعلوم أن إبقاء النوع يقتضي إرادة النكاح مطلقا ، ولا يختص بمن تاقت ، وإلى ما فيه من الخلاص من الوحدة المنهي عنها ، والاستعانة بالزوجة على أمور الدين ، وغير ذلك مما لا يخفى حسنه من الأمور المترتبة عليه ، والأغراض والمصالح الحاصلة به ، فلا ريب حينئذ في حسنه باعتبار كونه سببا في حصولها ، وعلة لوجودها ، فيكون حينئذ مستحبا شرعا ، لكون الأغراض المترتبة عليه من الأغراض الشرعية ، على أن حسن النكاح عقلا يستلزم استحبابه شرعا ، ضرورة استلزام حكم العقل بحسن النكاح حكم الشرع بذلك ، للمطابقة ، وحكم الشارع يستلزم كونه مرادا ومطلوبا له ، لأنه حكيم.
وكيف كان ربما احتج المانع بأن وصف يحيى عليهالسلام بكونه حصورا (٦) يؤذن باختصاص هذا الوصف بالرجحان ، فيحمل على ما إذا لم تتق النفس وبأن قوله
__________________
(١) كنز العمال ج ٨ ص ٢٨٠ ـ الرقم ٤٧٨٩.
(٢) سورة لقمان : ٣١ ـ الآية ١٤.
(٣) سورة آل عمران : ٣ ـ الآية ـ ٣٨.
(٤) سورة الفرقان : ٢٥ ـ الآية ٧٤.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب مقدمات النكاح ـ الحديث ٣.
(٦) سورة آل عمران : ٣ ـ الآية ـ ٣٩.