وأما روايات التعزير فمع عدم صراحة جميعها في وطء الشبهة ولا في أن المأتي به تعزير لأحد محمولة على التهمة في دعوى الجهالة بمظنة الزنا ، أو على أن الاقدام على الوطء لظن معتبر لا يعلم الواطئ اعتباره ، ولو سلم فلا نسلم امتناع التعزير مع الجهل بالحال ، وخصوصا مع ظن عدم الاستحقاق ، لأن الوطء في تلك الحال لا ينفك عن اجتراء على القبيح ومخالفة الاحتياط المطلوب سيما في الفروج ، مع ما فيه من قطع المعاذير الباطلة وحسم مادة المعصية ، ولا ريب في أنه مطلوب شرعا.
وأما فساد ما ذكر أخيرا فيعرف من ملاحظة كلام الفقهاء في الحدود ، فإنه لم يشترط أحد منهم في الحد منهم في الحد العلم بعدم الاستحقاق في تحقق الزنا وانتفائه ، وإنما اعتبروا فيه العلم بالتحريم ، وبنوا عليه ثبوت الحد مع وجوده ، وسقوطه مع انتفائه في جميع المسائل التي فرعوها على اعتبار العلم في حد الزنا ، كما لا يخفى على من لاحظ عبارة المصنف والفاضل وغيرهما هناك ، هذا.
ولكن الانصاف عدم منافاة الإثم في الوطء للشبهة إذا كان منشأه التقصير في المقدمات ، ضرورة كون نكاح الكفار ونحوهم جميعه من الشبهة وإن أثموا به باعتبار اختيارهم الأديان الباطلة ، وكذا ظان الحلية من غيرهم ، ولكن لتقصيره في عدم مباشرة أهل الشرع والالتفات الى ما يراد منه لم يتنبه إلى حرمة العمل له بهذا الظن ، فإنه لا ريب في تحقق الإثم عليه بذلك ، كما أنه لا ريب في كونه من الشبهة والسكران إنما خرج بالأدلة الخاصة.
فالتحقيق حينئذ تعريف الشبهة بما ذكرناه أولا ، لكن مع تعميم الاعتقاد للقطع والظن الذي لم يتنبه صاحبه الى عدم جواز العمل به ولو لتقصير منه في المقدمات ، وتعميمه أيضا للمقصر فيما اقتضاه كأهل المذاهب الفاسدة وغيره ، وجميع ما نافى ذلك من عبارة أو رواية قد عرفت إمكان إرجاعه إليه ، بل قد يقال بكفاية الظن بالاستحقاق في النسب وإن لم يعلم الواطئ بكفايته في الحلية بعد تنبهه للحال وتقصيره في السؤال كما هو مقتضى إطلاق ما سمعته من النص والفتوى ، لعدم كونه