الزاني ، وإنكاحه على اعتبار التغليب في المؤمنين ، ومراعاة جانب المعنى حيث يصح معه اللفظ أهم في إنظاره البلغاء من جانب اللفظ ، وحينئذ فلا يصح إرادة النهي لما عرفت من جواز تزويج الزاني على كراهة إلا أن يحمل على ما هو أعم من التنزيه مجازا ، وذلك يقتضي سقوط الاحتجاج ، إذ لا حصر في المجاز ، ويشهد لذلك تخصيص المؤمنين بالحكم ، فان الوجه فيه ظاهر على الاخبار بخلاف النهي ، فإنه يعم المؤمنين وغيرهم من المشركين وفساق المسلمين ، لأن الكفار معاقبون بالفروع عندنا ، فالتعميم حينئذ أنسب.
هذا كله مع أنه قيل كما عن سعيد بن المسيب أن الآية منسوخة بآية ( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى ) (١) إلى آخرها وإن كان فيه التخصيص أولى من النسخ ، وقيل أيضا : إن النكاح فيها بمعنى الوطء كما عن سعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم ، وربما اعترض عليه بأن المعنى يؤول حينئذ إلى نهي الزاني عن الزنا إلا بزانية ، والزانية أن يزني بها إلا زان ، وهو معلوم الفساد ، لكن قد يدفع بمنع كون المعنى كذلك ، بل هو كما روى عن ابن عباس أنه إن جامعها مستحلا فهو مشرك ، وإلا فهو زان ، وكذا الزاني ولا فساد فيه ، نعم الانصاف والتأمل الجيد يقضيان بعدم إرادة النهي على وجه يفيد الخصم ، بل هو إن كان فهو على ضرب من التنزيه مستفاد من الاخبار.
وكذا الكلام لو كانت مشهورة بالزنا وإن استفاضت النصوص في تفسير الآية بها ، ففي خبري زرارة (٢) والكناني (٣) واللفظ للأول « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله تعالى ( الزّانِي ) ـ إلى آخرها ـ قال : هن نساء مشهورات بالزنا ، ورجال مشهورون بالزنا ، شهروا به وعرفوا به ، والناس اليوم بذلك المنزل فمن أقيم عليه حد الزنا أو شهر بالزنا لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتى يعرف
__________________
(١) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣٢.
(٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث ٢.
(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث ٢.