وعن كرمه (ع) روى الواقدي قال : إن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد المخزومي كان واليا على المدينة لعبد الملك بن مروان وقد أساء جوار الإمام ولحقه منه أذى شديد ، فلما توفى عبد الملك عزله الوليد بن عبد الملك وأوقفه للناس لكي يقتصوا منه ، فقال : والله إني لا أخاف إلا من علي بن الحسين ، فمر عليه الإمام وسلم عليه وأمر خاصته أن لا يتعرض له أحد بسوء ، وأرسل له : إن كان أعجزك مال تؤخذ به فعندنا ما يسعك ويسد حاجتك فطب نفسا منا ومن كل من يطيعنا فقال له هشام بن إسماعيل : الله أعلم حيث يجعل رسالته.
هكذا كان يعامل الإمام السجاد خصومه ، يعاملهم حسب ما تملي عليه أخلاقه العالية وصفاته النبيلة ومناقبه الكريمة. من ذلك ما صنعه مع مروان بن الحكم ألد أعداء أهل البيت وهو الذي أشار على الوليد بقتل الإمام الحسين (ع) سيد الشهداء ، وبقي إلى جانب معاوية يتتبع أهل البيت بالإساءة والأذى وينكل بهم وبشيعتهم بكل ما لديه من وسائل خبيثة. ومع كل ذلك فقد صنع معه كما صنع مع هشام بن إسماعيل وبالغ بالإحسان إليه كما بالغ هو بالإساءة إليه. وذلك يوم ثار أهل المدينة على الأمويين وضيقوا عليهم ولم يعد لهم ملجأ بها فضاقت الأمور بمروان بن الحكم إلى أبعد حد ، مما دعاه إلى استعطاف أبناء المهاجرين والأنصار لأنه لم يجد من يحمي له عيال الأمويين ونساءهم ويمنع عنهم الثائرين المتربصين الشر بهم في كل حين غير الإمام علي بن الحسين (ع) الذي ضم عيال مروان إلى عياله وعاملهم بما كان يعامل به أسرته وعياله.
فإذا كان ذلك غريبا وبعيدا عن أخلاق الناس العاديين وطبائعهم فليس بغريب ولا بعيد على من اختارهم الله وخصهم بالكرامة والعصمة وجعلهم فوق مستوى البشر في مواهبهم وأخلاقهم وجميع صفاتهم وأعمالهم. إن أخلاق الإمام السجاد من أخلاق أبيه الإمام الحسين وأخلاق جديه الإمام علي بن أبي طالب ، أمير المؤمنين وإمام المتقين ، ومحمد بن