وفيه أنه يمكن جريانها باختصاص السعي به دون الآخر أيضا ، بل بذلك توجهت دعوى أحدهما على الآخر ، وإلا فلا معنى لدعوى انسان على آخر أنه أعتق عبده ، وإنما ذلك من وظيفة العبد ، كل ذلك بعد مشروعية اليمين من العبد هنا مع الشاهد باعتبار كونه لدفع السعي عن نفسه وإن قلنا بعدم ثبوت العتق إلا بشاهدين.
مع أنه قد يناقش بأن دفع السعي عن نفسه للشريكين فرع ثبوت العتق منهما ، والفرض عدم ثبوته إلا بالشاهدين ، ولا يمكن القول هنا بنفي السعي عنه بذلك وإن لم يثبت العتق نحو ما قيل في دعوى السرقة بالنسبة إلى ضمان المال دون الحد ، ضرورة إمكان الانفكاك فيه بخلاف المقام ، على أنه لا يتم في صورة عدالة أحدهما ، إذ الحلف على دعواه عتق شريكه يوجب السعي للمدعي لا نفيه عنه (١) كما هو واضح.
هذا وفي المسالك في الصورة الأولى بعد أن حلف المدعي اليمين المردودة قال : « ثم لو شهد هذا المدعي مع آخر ثبت العتق بشهادة الحسبة » وفيه إمكان منع القبول وإن كان هو قد استحق القيمة بيمينه ، فلا تهمة من هذه الجهة إلا أنه هو مدع فيما شهد به كما في الشركاء المدعين فتأمل.
وكيف كان ففي صورة التداعي معسرين يخرج نصيب كل منهما بإقراره عن استقرار يده ، ويسعى العبد في قيمته لهما بناء على ما عرفت من كون السعي بجميع الكسب لا خصوص الجزء الحر وإلا فلا يمكنه السعي هنا فإن كلا منهما يأخذ من كسبه ما قابل نصيبه لإنكاره العتق فيه ، فلا يحصل منه ما ينفك به.
ولو اشترى أحدهما بعد دعوى العتق على جهة الفداء نصيب صاحبه عتق عليه ذلك ، لإقراره ، ولم يسر إلى النصف الذي كان له ، ولا يثبت له عليه ولاء بإزاء هذا الجزء ، لأنه لم يصدر عتقه عنه ، فان مات ولم يكن له وارث سواه قيل كان ماله مجهول المالك ، فإن البائع يقول : إنه للمشترى ، لكونه عبده ، والمشتري يقول : إنه للبائع بالولاء ولكن للمشتري أن يأخذ منه بقدر ما أداه من الثمن ، فإنه يدعى
__________________
(١) وفي النسخة الأصلية المسودة والمبيضة « لا ينفيه عنه ».