ولعله لذا قال ابن إدريس فيما حكي عنه بعد أن ذكر كلام الشيخ في النهاية : « لا دليل على صحة هذه الرواية ، لأنها مناقضة للأصول ، وهو الخروج عن ملك من دبره وصار عبدا لأولياء المقتول ، فمن أخرجه عن ملكهم بعد دخوله فيه يحتاج إلى دليل ، ولا دليل على ذلك ، ويمكن أن نحمل الرواية على أنه كان التدبير عن نذر واجب لا يجوز الرجوع فيه ، فإذا كان ذلك وكان القتل خطأ فإنه بعد موت من دبره يصير حرا ويستسعى في الدية ـ ثم قال ـ : والأقوى عندي في الجميع أنه يسترق سواء كان عن نذر أولا ، لأن السيد ما رجع عن تدبيره ، وإنما صار عبدا لحق ».
قلت : بل من آخر كلامه يستفاد الحكم في مسألة أخرى ، وهو عدم الفرق في الاسترقاق حيث يكون له بين الندب والواجب وغيرهما ، ولعله الموافق لإطلاقهم هنا إذ وجوبه لا ينافي استرقاقه بدليل آخر لا مدخلية للمدبر فيه ، والأصل براءة الذمة من وجوب فكه.
ولو قتل المدبر مولاه ففي القواعد « احتمل بطلان تدبيره مقابلة له بنقيض مقصوده ، كالوارث الذي يمنع من الإرث بقتله ، ولأنه أبلغ من الإباق » ولكنه كما ترى لا ينطبق على أصولنا ، فالمتجه الانعتاق للأصل وتغليب الحرية بعد منع القياس ، والأولوية.
وكذا لا ينطبق عليها ما فيها أيضا من أنه « لو دبر عبدين وله دين بقدر ضعفهما عتق من تخرجه القرعة قدر ثلثهما ، وكان الباقي والآخر موقوفا ، فإذا استوفى من الدين شيء أكمل من عتق من أخرجته القرعة قدر ثلثه ، فان فضل عتق من الآخر ، وهكذا حتى يعتقا معا أو مقدار الثلث منهما ، ولو تعذر استيفاؤه لم يزد العتق على قدر ثلثهما ، ولو خرج من وقعت القرعة له مستحقا بطل العتق فيه ، وعتق من الآخر ثلثه » إذ هو كما ترى أيضا غير منطبق على أصولنا التي مقتضاها انعتاق ثلثيهما ، ثم كل ما جاء من الذين يعتق منهما على السواء ، وهكذا.