وكيف كان ف يكفي في عقد المكاتبة أن يقول كاتبتك مع تعيين الأجل والعوض ويقول العبد : « قبلت » وهل يفتقر إلى قوله فإذا أديت فأنت حر مع نية ذلك في إيجاب المكاتبة؟ قيل والقائل الشيخ في محكي الخلاف : نعم بل هو الظاهر من كلام ابن إدريس ، لاشتراك لفظ المكاتبة بين المراسلة والمخارجة وبين المكاتبة الشرعية ، فلا بد من مائز باللفظ يخرجها عن الاشتراك إلى الصريح.
وقيل والقائل هو في المبسوط والأكثر بل جعله في الأول هو مقتضي مذهبنا بل تكفي النية مع العقد ، فإذا أدى عتق سواء نطق بالضميمة أو أغفلها وهو أشبه بأصول المذهب وقواعده ، لأصالة عدم الاشتراط بعد دلالة إنشاء عقد المكاتبة الذي غايته ذلك عليه ، بل هو كغيره من الغايات المترتبة على العقود التي من المعلوم عدم وجوب ذكرها ، بل المتجه عدم الاحتياج إلى نية ذلك وإخطاره في البال ، للاكتفاء بالإنشاء المزبور ، لكونه صريحا في ذلك ، وإلا لم يجز حتى مع النية ، بناء على عدم جواز الكناية في العقد وإن كان قد تكرر منا ذكر الاشكال فيه باقتضاء إطلاق الأدلة جواز العقد باللفظ الحقيقي والمجازي ، إذ ليس هو إلا كغيره من المقاصد التي تبرز بهما ، كما تقدم ذلك منا غير مرة.
وأصل الخلاف في هذه المسألة إنما هو من الشافعي وأبي حنيفة ، وأوجب الأول التصريح باللفظ المزبور ، ولم يكتف بنيته ، كما لا تكفي نية الإيجاب عن التصريح بما يدل عليه ، واكتفى الثاني بلفظ « كاتبتك » عن غيره ، لأنه صريح في ذلك : ضرورة كون المراد من اللفظ المستعمل في إيجاب العقد ما يقتضي الحرية بعد الأداء ، كما أن المراد منه على فرض كونها بيعا معنى « بعتك » وعلى فرض كونها عتقا بصفة أنت حر بعد أدائك ، واستعمال المكاتبة بمعنى المراسلة والمخارجة غير قادح في الصراحة عند إرادة إنشاء عقد المكاتبة بها ، بل لعل ألفاظ العقود والإيقاعات جميعها كذلك ، إذ مع قطع النظر عن الإتيان بها حال إرادة