ثم لا يخفى عليك أن ظاهر ما سمعته من عبارة الشيخ الاكتفاء في ثبوت الخيار بالعلم بالعجز ولو قبل حلول النجم الأول كما اعترف به في كشف اللثام ، وحينئذ فيصح مقابلته للعجز على القولين ، لا أنه يختص مقابلته للعجز على القول الأول ، ولعله على ذلك تحمل عبارة الإرشاد ، قال : « وحده تأخير النجم عن محله على رأى أو يعلم من حاله العجز » وإن كنا لم نجده قولا لأحد ، بل في المسالك دعوى الإجماع على عدم جواز الفسخ قبل حلول نجم وإن علم العجز ، وحينئذ فيختص صحة مقابلته للعجز بالمعنى الأول كما في المتن ، لتحقق المغايرة بينهما دون الثاني الذي مقتضاه ثبوت الخيار بالتأخير عن النجم لحظة ، علم العجز أو لم يعلم ، بل وإن علم عدمه ، وقبله لا يجوز ، وحينئذ فتكون عبارة الإرشاد غير سليمة كما جزم بذلك فيها تبعا للشهيد في غاية المراد ، خصوصا بعد أن جعله فيها قسيما للعجز بالمعني الثاني المقرون بالرأي ، ومقتضاه عدم الخلاف في ثبوت الفسخ به وإن لم يحل نجم ، وقد عرفت أنا لم نعرفه قولا لأحد ، ولكن الأمر سهل.
ثم إن ظاهر ما سمعته من النهاية والمتن اعتبار العجز عن فك نفسه ، لا العلم بالعجز عن أداء النجم الذي قد حل ، ولعله لأنهم قد فرضوا المسألة في المشروطة التي بعجزه عن قليل من المال لا ينفك شيء من رقبته ، وإنما يختلف الحكم في المطلقة التي قد عرفت كون المفروض في كلام الأصحاب خلافها ، وكلام ابن الجنيد الذي قد استحسنه في المسالك وغيرها مرجعه إلى ما ذكرناه من أن المدار على شرطه ، كما لا يخفى على من لاحظه.
والمراد بالنجم هنا المال المشترط أداؤه في وقت خاص وإن كان المتعارف من النجم الوقت ، قيل ومنه ما في الحديث (١) « هذا إبان نجومه » يعني البني ، أي وقت ظهوره ، ويقال : كان العرب لا يعرفون الحساب ويبنون أمورهم على طلوع النجوم والمنازل ، فيقول أحدهم : إذا طلع نجم الثريا أديت حقك ، فسميت
__________________
(١) نهاية ابن الأثير ـ مادة : « ابن ».