نعم قد يقال في الفرض الذي هو الجناية عمدا : إنه لما كان الخيار فيه للمجني عليه وطلب الأرش الذي هو أزيد من القيمة فهل للمكاتب دفعه بدون إذن المولى كالأقل والمساوي؟ المحكي عن الشيخ العدم ، لأنه ابتياع لنفسه ، بأكثر من ثمن المثل ، وهو لا يملك التبرع ، وفي التحرير الوجه عندي جواز دفع الأكثر ، ولعله لا يخلو من قوة ، والله العالم.
وإن كان قد جنى عليه خطأ كان له فك نفسه بأرش الجناية الذي هو ما عرفته وإن نافى ذلك الاكتساب لكنه لمصلحته التي هي أعظم من نفقته المأذون فيها وعلاج مرضه ، بل قد عرفت أن المنهي عنه التصرف التبرعي لا غيره ، نعم ظاهر قولهم : « له فك نفسه » تعلق الجناية أولا بالرقبة ، ويمكن منعه لما عرفت ، فيكون متعلقا بذمته وإن كانت العين كالرهن عليه ، بمعنى تسلط المجني عليه على الاستيفاء منها إن لم يدفع له ، لأهمية حق الجناية من غيره ، فيلاحظ فيه الأمران.
وحينئذ ف لو لم يكن له مال فلأجنبي بيعه أجمع في أرش الجناية مع الاستغراق وإلا بيع منه قدر الأرش وبقي الباقي مكاتبا ، فان عجز وفسخ المولى صار العبد مشتركا ، وإن أدى عتق الباقي ، وفي تقويم حصة الشريك على العبد مع يساره أو تمكنه من السعي البحث السابق وإن جزم به الفاضل هنا في القواعد ، بل في كشف اللثام « وهل يجبر عليه أو الشريك على القبول؟ وجهان » لكن لا يخفى عليك ما في الجميع بعد الإحاطة بما ذكرناه سابقا.
بقي الكلام في شيء ، وهو أن ظاهر بعض وصريح آخر أن المجني عليه إذا أراد البيع لا بد له من فسخ الحاكم الكتابة ، لأن المكاتب لا يباع وليس له فسخها ، لأنه ليس بالعاقد لها ، بل ولا للسيد قبل حصول العجز المسلط له على الخيار ، فليس حينئذ إلا الحاكم وفيه أنه بعد أن دلت الأدلة على تقديم حق الجناية على غيره من كتابة أو رهن أو غيرهما لم يحتج إلى فسخ ، بل هو تسلط شرعي على