عن الإشكال ، لأن اللعان إنما أسقط الحد الذي وجب عليها بلعانه ، فهو بمنزلة البينة أو الإقرار بالنسبة إلى ذلك ، إذ لم يثبت زناها به ، ولا أقرت ولا نكلت ، فالقذف الثاني سبب موجب للحد ، لعموم الآية (١) واللعان المتقدم لا يصلح لإسقاطه ، لاستحالة تقدم المسبب على السبب ، وربما يؤيده إطلاق قول الصادق عليهالسلام في الصحيح (٢) : « وإن دعاه أحد ـ أي ولد الملاعنة ـ ابن الزانية جلد الحد ».
وحينئذ فهو في الحقيقة كالقذف المتعقب للحد. ومن هنا لو قذفها به الأجنبي حد بلا خلاف أجده وإن كان بعد التلاعن الذي لو كان بمنزلة البينة أو الإقرار لم يحد ، لارتفاع عفتها حينئذ المقتضي لسقوط الحد عن قاذفها ، ولذا لو قذفها فأقرت ثم قذفها الزوج أو الأجنبي فلا حد وإن كان أقرت مرة واحدة لعموم « إقرار العقلاء » (٣) وإن لم يثبت عليها الحد إلا بالأربع ، إلا أن الإحصان غيره وهو واضح.
بل لعل المتجه ثبوت الحد أيضا لو قذفها الزوج ولاعن فنكلت ثم قذفها الأجنبي وإن قال الشيخ في المحكي عنه في كتابي الفروع لأحد تنزيلا للنكول منزلة البينة أو الإقرار المزيلين للإحصان.
ولكن الإنصاف أنه لو قيل يحد كان حسنا وفاقا للمحكي عن الأكثر لعموم الأدلة ، بعد منع زوال الإحصان بالنكول المحتمل كونه لقصد السلامة من محذور اليمين وإن ترتب عليها الحد من حيث عدم تخلصها عن الدعوى باليمين ، لكن ذلك لا يقتضي ارتفاع إحصانها بمعنى عفتها.
__________________
(١) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من كتاب اللعان الحديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من كتاب الإقرار الحديث ٢.