جاء الإنسان بنفسه ، ومن ذلك نشأ الخلاف ، فعن الأكثر كما في المسالك الأول ، وعن جماعة الثاني ، والأقوى الأول ، وعن الشيخ حمل الرواية الثانية على اختلال بعض الشرائط ، ولا بأس به جمعا ، وليس هو قولا آخر كما حكاه عنه في القواعد ، بل هو عين القول الأول ، ضرورة عدم الخلاف في عدم السماع مع اختلال الشرائط ، نعم عن السرائر والوسيلة والجامع الجمع بينهما بسبق الزوج بالقذف وعدمه ، فيعتبر الأربعة غيره في الأول دون الثاني ، لأن قوله تعالى ( لَوْ لا جاؤُ ) فيمن ابتدأ بالقذف ، بل عن السرائر ولقوله تعالى (١) ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ ) إلى آخرها ، فإنه قد رمى زوجته ولم يكن له شهداء إلا نفسه ، لأن شهادة الثلاثة غير معتد بها إلا بانضمام شهادة الرابع ، فكأنها لم تكن في الحكم ، وإن كان هو كما ترى كالمصادرة ، بل آية ( لَوْ لا جاؤُ ) إلى آخرها لا تمنع صدق معية الزوج بعد أن كان أحد الشهداء ، بقرينة ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاّ أَنْفُسُهُمْ ).
وعلى كل حال فهو قول آخر ، إذ دعوى أن السبق من اختلال الشرائط ممنوعة ، كدعوى الفرق بين سبق الزوج وسبق غيره ، وأوضح منهما فسادا التزام الأربع غير القاذف لو كان السابق بالقذف غير الزوج.
وإلى هذا أشار المصنف بقوله ومن فقهائنا من نزل رد الشهادة على اختلال بعض الشرائط أو سبق الزوج بالقذف ثم قال وهو حسن وفي المسالك « وهو ـ أى سبق الزوج ـ من جملة اختلال الشرائط ، ولا بأس بالحمل ، لأنه طريق الجمع حيث لا تطرح الرواية لضعفها » وفيه أنه كذلك بناء على أن السبق من اختلال الشرائط ، وفيه بحث أو منع ، بل ظاهر المتن عدم كونه منها ، وتمام الكلام فيه في محله.
ومنه يظهر ما في تحسين المصنف للقول المزبور المنافي لإطلاق الأدلة في قبول بينة الحسب ولو مع السبق.
__________________
(١) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٦.