١
المعاد الجسماني عند أبي حامد الغزالي
تمهيد
قبل أن نبين نظرية أبي حامد الغزالي في طبيعة وکيفية المعاد في اليوم الآخر ، رأينا أن نذکر قبل ذلک طبيعة ونوع وأسلوب التحقيق المتبع من قبل أبي حامد الغزالي في مختلف أبحاثه المعرفية ؛ إذ يعد الغزالي شخصية منفردة في هذا الأمر ؛ لأنه لم يتبع منهجاً وأسلوباً واحداً في أبحاثه وتحقيقاته ، کما هو عليه أکثر المحققين والباحثين ، کما سيأتي بيانه فيما بعد هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لم يکن الغزالي على مذهب واحد ، ومدرسة واحدة ، فقد قال عنه حسام الآلوسي ما هذا لفظه : ( ... أن الغزالي لم يسلک طريقاً معرفياً واحداً ، فهو مشکلة فکرية لدارسيه ، فهو متکلم طوراً ، وفيلسوفٌ طوراً آخراً ، وفي حال کونه متکلماً فهو أشعري مرة ، ومعتزلي مرة أخرى ، وفي ثالثة هو أقرب للحشوية ، کما هو حاله في « إلجام العوام » ، وأخيراً فهو صوفي وعرفاني ) ، (١) ولذا کان منهجه في البحث والتحقيق يختلف تماماً عن غيره ،
ــــــــــــــــ
١. حسام الآلوسي ، دراسات في الفکر الفلسفي ، ص ٢٣٧.