والکشف ) (١) ، وقال في استعمال هذا الأسلوب في البحث والتحقيق ما هذا لفظه : ( وهذه الأساليب قد يستضر بها خلق کثيرون ). (٢)
وأمّا الفلاسفة وإن تمسکوا بالأدلة العقلية البرهانية ، ولکنهم بنظره لم يعتمدوا في بعض براهينهم على مقدمات صحيحة ، بل کانت تعتمد على مقدمات فاسدة ، فکانت نتائجها تابعة في فسادها لها ، وبعضها ناشئة عن فساد صورة الاستدلال ، وبهذا يرميهم بعدم التدقيق في البرهان أيضاً ، کما جاء في کتابه تهافت الفلاسفة ما هذا لفظه : ( فإذا کان المتکلمون لم يعرفوا البرهان ، فإن الفلاسفة وإن فهموه فهماً حسناً فإنهم لم يحسنوا تطبيقه ، فأنتجوا معتقدات على خلاف ما ادعوه واشترطوه ، ويترکز ذلک في الإلهيات ... ) ، (٣) وقال في حق المعلوم الأخرى التي بحثوا فيها غير الإلهيات ما هذا نصه : ( ... في حين أن لديهم ما يحمد لهم وما لا يجب إنکاره ، وهو هنا الرياضيات والمنطق والفلک وبعض العلوم الأخرى ... ). (٤)
کل هذا وغيره من الأسباب دعت به إلى أن ينتهج أسلوباً خاصاً في البحث عن الحقيقة ، وهو الذي تمثل بالأسلوب الذوقي ، الذي أنتهجه بعد مروره بمرحلة الشک التي کادت تقضي على معارفه وأفکاره ، وقد استمرت حوالي شهرين ، قد عبر عنه بما هذا نصه : ( فأعضل هذا الداء ودام قريباً من شهرين ، وأنا فيهما على مذهب السفسطة بحکم المال لا بحکم النطق والمقال ، حتى شفاني الله تعالى من ذلک المرض ، وعادت النفس إلى الصحة والاعتدلال ، ورجعت الضروريات العقلية مقبولة ، موثوقاً بها على أمن ويقين ، ولم يکن ذلک بنظم دليل وترتيب کلام ، بل بنور قذفه الله تعالى في الصدر ، وذلک النور هو مفتاح أکثر المعارف ... ) ، (٥) وإليک بيان هذه الأساليب بنحو من التفصيل :
ــــــــــــــــ
١. أبو حامد الغزالي ، إحياء علوم الدين ، ج ٥ ص ٢٩.
٢. الزعبي أنوار ، مسألة المعرفة ومنهج البحث عند الغزالي ، ص ١٧٩.
٣. المصدر السابق ، ص ١٨٠ ، ١٨١.
٤. المصدر السابق.
٥. المصدر السابق ، ص ٨٠ ؛ وکذا : المنقذ من الضلال الغزالي ، تصحيح محمد ، ص ١١.