ولا يخفى بطلان هذه الأقسام الأربعة ، وسنأتي بمجموعة أدلة تؤکد هذه الحقيقة ، ويمکن أنّ نقسم التناسخ بشکل آخر ، ولکن لا يجب بطلانها جميعاً ، بل قد يکون بعضها باطلاً والبعض الآخر جائزاً ، وهي کما يلي :
١. التناسخ الملکي : وهو عبارة عن انتقال النفس بالموت من البدن العنصري الدنيوي إلى بدن عنصري دنيوي آخر مغاير للنفس وبدنها الأول ، بحيث تصبح النفس بعد الانتقال إليه نقساً له ، والبدن بدناً لها.
٢. التناسخ الملکوتي : وهو عبارة عن تعلق النفس ببدن أخروي غير مغاير لها بعد انقطاعها عن البدن الدنيوي بالموت ، ويکون هذا البدن الأخروي من منشئاتها القائمة بها قيام الفعل بفاعله ، وإن کان مغايراً لبدنها العنصري بوجه.
وسيأتي الکلام في تقديم الأدلة الدالة على بطلان القسم الأول ، وهو التناسخ الملکي ، الذي يعبر عنه بالتناسخ عنه الانفصالي أيضاً ، دون بطلان قسم الثاني ، وهو التناسخ الملکوتي ، الذي يعبر عنه بالتناسخ الاتصالي ؛ لأنه عبارة عن ظهور وانکشاف لملکات النفس التي أصبحت جزءاً منها ، فبعد الموت ينکشف الباطن ، فتظهر هذه الملکات على شکل صور مثالية مجردة جميلة کانت أو قبيحة ، هذا في النشأة البرزخية ، ثم تتجسم تلک الأعمال في النشأة الأخروية ، وقد دلت الرواية والآيات على ذلک ، فقد نقل عن الرسول الأکرم ٩ جملة من الروايات تحکى حال الناس وتغير صورهم في اليوم الآخر ، فمنها على صور القردة ، ومنها على صور الخنازير ، ومنها ... ، (١) وقال الحق تعالى : ( وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ) ، (٢) ( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ). (٣)
ونقل عن الامام الصادق ٧ أنّه قال : « إن المؤمن إذا خرج من قبره ، خرج منه مثال من قبره ... إلى أن قال : فيقول المثال أنا السرور الذي کنت تدخله على إخوانک في الدنيا ، خلقت مه لأُبشرک وأونس وحشتک » ، (٤) وغيرها.
ــــــــــــــــ
١. لاحظ : الميرزا أحمد الاشتياني ، لوامع العقائد ، ج ٢ ، ص ٤٥ ؛ محمد إسماعيل ، جامع الشتات ، ص ٨٨.
٢. النجم ، ٣٩ ، ٤٠.
٣. النبأ ، ١٨.
٤. محمد مهدي النراقي ، جامع الشتات ، ج ٢ ، ص ١٧٥.