الآخرة وهو يرى النشأة الأولى ) ، (١) ومنها ما في الاحتجاج من حديث الزنديق الذي سأل الإمام الصادق ٧ عن مجموعة مسائل ، إلى أن قال : (أخبرني عن السراج إذا انطفأ أين يذهب نوره ؟ قال : يذهب فلا يعود ، قال : فما أنکرت إلاکون الإنسان مثل ذلک ، إذا مات وفارق البدن لم يرجع إليه أبداً ، کما لا يرجع ضوء السراج إليه إذا انطفأ ؟
قال ٧ : لم تصب القياس ، إن النار في الأجسام کامنة ، والأجسام قائمة بأعيانها کالحجر والحديد ، فإذا ضرب أحدهما بالآخر سطعت من بينهما نار تقتبس منها سراج له ضوء ، فالنار ، ثابتة في الأجسام والضوء ذاهب ، والروح جسم لطيف رقيق قد لبس قالباً کثيفاً ليس بمنزلة السراج الذي ذکرت ، إن الذي خلق فيرحم جنيناً من ماءٍ صافٍ ورکب فيه ضروباً مختلفة من عروق وعصب وأسنان وشعر وعظام وغير ذلک ، هو يحييه بعد موته ويعيده بعد فنائه ، قال : فأين الروح ؟
قال ٧ : في بطن الأرض حيث مصرع البدن إلى وقت البعث ، قال : فمن صلب أين روحه ؟ قال : في کف الملک الذي قبضها حتى يودعها الأرض ، قال : أفيتلاشى الروح بعد خروجه عن القالب أم هو باق ؟ قال : بل هو باق إلى وقت ينفخ في الصور ، فعند ذلک تبطل الأشياء وتفنى فلا حس ولا محسوس ، ثم أعيدت الأشياء کما بدأها مدبرها ، وذلک أربعمائة سنة تسببت فيها الخلق ، وذلک بين النفختين ). (٢)
لو رجعنا إلى بحث الخواجة في المسألة فإننا سنجده غير موافق لهم في هذه المسألة ، حيث إنّه لم يکتف بعدم التبني لما جاء به المتکلمون من أدلة على إثبات جوازها ، بل قام بذکر مجموعة من الأدلة العقلية على استحالة ذلک ، کما سيأتي ذکرها بعد قليل ، نعم أنه أظهر التردد في جوازها وعدمه عند البحث في مسألة
ــــــــــــــــ
١. حسن بن أبي الحسن الدليمي ، أعلام الدين في صفات المؤمنين ، ص ٢٩٦ ؛ المرعشي ، شرح إحقاق الحق ، ج ٢٨ ، ص ١٢٤.
٢. أحمد بن على الطبرسي ، کتاب الاحتجاج ، ج ٢ ، ص ٩٦ ؛ حسين الشاکري ، الإمام جعفر الصادق ٧ ، ج ٢ ، ص ٥٤.