المعاد الجسماني ولکن مع کل هذا الجهد الکبير الذي بذله في تحقيق المسألة ، عاد على بدأ وقال بالجسماني ، بالرغم من أنه أثبت استحالة إمکانه عقلاً ، فضلاً عن وقوعه ، وتحمل على ذلک الأمر التهم والازدراء من الطرفين الموافق والمخالف ، فقد قال الموافق للقول بالمعاد الجسماني : إن إظهار هذا الأمر لم يکن من باب التسليم للشرع ، بل من باب الخوف من وصمة التکفير ، لأنها کانت تلحق بکل من يقول بالقول المخالف لظاهر الشرع المقدس ، وإن ثبت عنده بالدليل القاطع ، بينما أشکل عليه أصحاب الطرف المخالف القائلين بالمعاد الروحاني ، بأن صاحب المبنى لا يصح منه مخالفة مبناه على أساس عدم القدرة في إثبات ما يريده الطرف الآخر ، فأن التعبد لصاحب العقل أمر قبيح جداً ، وقد غفل الطرفان على أن القضية قد لا تکون على أساس ما ذهبوا إليه ، فمن طرف تدل على صدق اعتقاد الرجل ومدى إيمانه بالشريعة الإسلامية ، باعتباره فرداً من أفرادها ، والمقدار الذي يجب التسليم به ، لا من باب الخوف کما تصوره الطرف الموافق للمعاد الجسماني ، ولا من باب القبح کما قال به الطرف المخالف للجسماني أصحاب النظر العقلي بل قد يکشف عن مدى تواضع الرجل أمام الحق وشجاعته الفائقة أمام نفسه وعقله الذي يرى الواقع خلاف الشرع ، ولکنّ إدراکه وإيمانه بمسألة تطابق العقل مع الشرع ، في الوقت الذي لا يرى فيه طريق لإمکان تأويل الشرع ؛ باعتبار أنّ هذه المسألة بالذات تأبى التأويل والانصراف عما هو ظاهر ونص فيها الجسماني فقبوله للشرع لا يعد قبيحا کما يتصور ، بل کان کاشفا عن عظمة وعلمية الشيخ الرئيس في هذا الأمر ، هذا ما نراه نحن في اتخاذ الشيخ لهذا الموقف ، معتمدين فيه على عدة قرائن لفظية ظهرت من مباحثاته مع تلميذه بهمنيار صاحب کتاب التحصيل ، فلتراجع تلک المباحثات المدوّنة في کتاب المباحثات.