وصياغة اللبنة الأساسية لبناء فکرة موحدة مستقلة جديدة ومبتکرة ، لا تتنافي مع البرهان في نهجها ، ولا مع القرآن ، ولا مع العرفان ، فتکوّن من ذلک منظومة فلسفية متکاملة استطاعت حل الکثير من معضلات المسائل التي عجز الفکر البشري عن إيجاد الحل لها على أساس الأسلوب الواحد من دون حصول المعارض له.
وقد سمى منظومة الفکرية الفلسفية الجديدة بالحکمة المتعالية بالنسبة للفلسفات الأخرى ، وقد بيّن هذه الحقيقة بنفسه في کلامه التالي : ( فابتکرت طريقة فلسفية جامعة أوجدت انقلاباً فکرياً في تاريخ الفلسفة والعلوم ، ووحدت بذلک بين الفلسفة والآراء الدينية من ناحية ، وبين الفلسفة والعرفان من ناحية أخرى ، ودمجت العناصر المشائية والإشراقية والعرفانية والدينية ، فتکوّن من دمجها ومزجها وتوحيدها فلسفة متعالية يمکن اعتبارها الحضارة الجديدة في التفکير الفلسفي ، وابتکار الحکمة المتعالية هذه عملية فکرية سلوکية تعاطاها صدرالدين الشيرازي وأدى بذلک تکليفه إلى الإنسانية والحضارة وإلى مبدئهما ومبدأ الکل ). (١)
ويقول عنها العلامة الطباطبائي : ( إن التأمل الدقيق في الحقائق الدينية والمکاشفات العرفانية وتطبيقها مع الأسس العقلية البرهانية ، هيأت أرضية جديدة لصدرالمتألهين لکي يحقق تقدماً کبيراً في الأبحاث الفلسفية من خلال الروح المتحرکة الوثابة والمبدعة التي حلّت في التفکير الفلسفي محل وموقع السکون والخمود الذي کان يحکمها ، مضافاً إلى النظريات المبتکرة والعميقة التي أضافها للفکر الفلسفي. (٢)
بينما نجد الشهيد السعيد مرتضى المطهري يقول عنها : ( إن المحقق إذا طالع بدقة کتب صدرالمتألهين ووقف على المصادر والمنابع التي کانت قبله ، يتضح له
ــــــــــــــــ
١. محمد بن إبراهيم صدرالدين ، مفاتيح الغيب ، مقدمة وتعليقة المولى على النوري ، قدم له محمد خواجوي ، ص مب.
٢. محمد حسين الطباطبائي ، مجموعة مقالات ، ج ٢ ، ص ٦.