تصل إلى حدّ الاستعداد لتعلق الحياة الأبدية فيها في عالم الآخرة يحتاج إلى دليل قطعي ، وعندئذ نقول : لماذا لا يحصل هذا التکامل للبدن العنصري حال ارتباطه مع النفس في عالم الدنيا ؟ وما هي الميزة التي تجعل هذه المادة الترابية العنصرية تستعد لذلک بعد مفارقة النفس لها ؟ باعتبار أن البدن الأخروي عين البدن الدنيوي ، فلابد أن تکون مادته من مادة البدن الذي فارقته النفس بالموت.
ثالثاً : مع التسليم بأن الأرض بما فيها من مواد عنصرية التي من جملتها العناصر التي تقع في تکوين جسم الإنسان العنصري الترابي والتي يحددها علم التجربة بأکثر من (١٠٠) عنصر ، سوف تتغير وتتبدل ، وعندئذ لا تبقى نفس تلک العناصر الدنيوية ، وعلى الأقل تکون العناصر التي تکوّن أرض القيامة شبيهة لعناصر أرض الدنيا إن لم نقل غيرها ، باعتبار اختلاف خصائصها وطبيعتها ، لقوله تعالى : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ). (١)
رابعاً : التمثيل بحبة الحنطة وتوليد المثل ، لا يصح في المقام ؛ لأن الحبوب المتولدة من بذر الحبة الأولى تکون مثلاً للحبة الأولى وليست عينها ، والبحث في المعاد عن تحقيق العينية التي صرح بها القرآن في أکثر من آية کريمة ، (٢) ودلت عليها الروايات الشريفة ، وإن کان بعضها يصرح بالمثلية کما جاء في رواية عن الإمام الصدق ٧ في جواب أبي العوجاء ، عندما مثّل باللبنة ، فقال : « هي هي ، وهي غيرها ». (٣)
ولکن الحق يقال : إن الالتزام بما جاء به صدر الحکماء في نتيجة الدليل على أن يکون مطابقاً مائة بالمائة بما جاء به القرآن الکريم في أکثر آياته في باب المعاد الجسماني صعب جداً ، ولکن لو تنزّلنا قليلاً وحملنا کلامه ودليله على عقلائية
ــــــــــــــــ
١. إبراهيم ، ٤٨.
٢. راجع : سورة النور ، ٢٤.
٣. الشيخ الطوسي ، کتاب الاحتجاج ، ج ٢ ، ص ١٠٤ ؛ کتاب بعض ما ورد عن الإمام الصادق ٧ ، مرکز المصطفى للتحقيق ، ص ٧٠ ؛ الديلمي ، أعلام الدين في صفات المؤمنين ، ص ٢١١ ؛ الشاکري ؛ حسين ، الإمام الصادق ٧ ، ج ٢ ، ص ٦٣ ؛ الشاکري ؛ حسين ، مناظرات الإمام الصادق ٧ ، ج ٢ ، ص ٦١.