الأمر ، کان الأمر أهون بکثير من أن نحمله على أنه دليل عقلي على إثبات المعاد الجسماني بالشکل الذي طرحه القرآن الکريم مائة بالمائة. ولکن يجب الانتباه إلى ما ذکرناه سابقاً من أن الفلاسفة لا يريدون بالجسم خصوص هذه المادة الترابية العنصرية ، وإنما يريدون به خصوص صورة الشيء وماهيته وحقيقته ، (١) وعند ذلک فلا يرد الإشکال عليه من باب أن ما أثبته هو معاد خيالي لا جسماني ، (٢) وإنما يرد الإشکال عليه من باب المطابقة التامة بين ما توصل إليه بالدليل وبين ما ذکره القرآن الکريم مالم نؤوله ، ولذا نراهم يقولون بوجود ثلاثة أجسام للإنسان : أحدهما طبيعي عنصري ، والآخر مثالي برزخي ، والثالث عقلي ، بينما لا يرى ذلک غيرهم من المتکلمين.
الاعتراض الثاني
لقد أورد الأستاذ محمد جواد پيرمرادي في مقالة نشرتها مجلة مصباح العدد (١٤) ، التي ناقش فيها ما طرحه صدر الأعاظم صدر الدين الشيرازي في باب إثبات المعاد الجسماني بالدليل العقلي ، من خلال طرحه لعدة إشکالات کان البعض منها يرد
ــــــــــــــــ
١. حاشية آية الله حسن زاده آملي على کتاب إلهيات الشفاء للشيخ ابن سينا ، ص ٤٦١ ، قال هناک ، ( واعلم أن مفاد الجسم في عبارات هؤلاء الأعاظم بمعنى تحقق الشيء وتقرره وتأصله ، لا بمعناه العنصرى ، وذلک کتجسم الأعمال المعبر عنه بتجسد الأعمال أيضاً ، وتجسم الأعراض أيضاً ، وهو الجسم ، وهذا الجسد غير مأثور عن القرآن والحديث ، بل تعبير مستفاد منهما عبر ذلک التحقق والتحصل في الآخرة بالجسم والتجسم ) ، وکما ذکر صدرالدين في الأصل الأول من الأصول التي ذکرها في تقرير الدليل ، حيث قال فيه ، إن الحقيقة کل شيء وماهيته بصورته وفصله الأخير ، وذکر أيضاً في تلک الفصول أن تشخص البدن يکون بصورته لا بنفسه ، فراجع.
٢. وعندئذ نتساءل هل أنّ مجرد الاصطلاح يکفي في حل المسألة أم لا ؟ وإن ما جاء به صدرالدين الشيرازي هو بمثابة استعمالهم للجسم في خصوص النفس الناطقة ، وکونها تمثل حقيقة الشيء الباقية التي لا يطرأ عليها الفساد ، ولا يختلف عن ما جاء به الشيخ الرئيس إلا بکون الشيخ لا يثبت لها التجرد في قوتها الخيالية وملا صدرا أثبت ذلک ، ولا نرى أن ذلک موافقاً للطرح القرآني بالنسبة للمسألة ، إلا مع قبول التأويل ، وحينئذ مع کل هذه النصوص القرآنية الصريحة بکونه جسمانياً بحسب الظاهر فهل يقبل أم لا ؟ هذا يحتاج إلى دليل.