فقد عرّفه صدر المتألهين في کتابه مفاتيح الغيب ، قائلاً فيه : ( فإن المعاد بمعني العود ، والرجوع للشيء إلى الحالة التي خرج منها ، کما قيل : کل شيء يرجع إلى أصله ، فهو من المعاني الإضافية الواقعة تحت مقولة المضاف ، فلذلک معرفته لا تتم إلا بمعرفة ثلاثة أمور : ما له المعاد ، وما منه المعاد ، وما إليه المعاد ). (١)
وأمّا تعريف الشيخ الرئيس أبي علي سينا له فهو : ( انه الحال الذي کان عليه الشيء فيه ، فباينه ، فعاد إليه ، ثم نقل إلى الحالة الأولى أو إلى الوضع الأول الذي يصير إليه الإنسان بعد الموت وانفصل عنه قبل الحياة الأخرى ). (٢)
وأمّا ما ذکره الخواجة نصير الدين الطوسي في هذا الصدد ، قائلاً : ( الواجب في المعاد هو إعادة تلک الأجزاء الأصلية أو النفس المجردة مع الأجزاء الأصلية ، أما الأجسام المتصلة بتلک الأجزاء فلا يجب إعادتها بعينها ). (٣)
قبل أن نذکر تعريف الغزالي للمعاد ، ينبغي علينا أن نبين مذهبه في النفس ، لما له من علاقة وثيقة بالتعريف الذي سنذکره بعد ذلک ، فقد قال فيها : ( ... أعني النفس ذلک الجوهر الکامل الفردي الذي ليس من شأنه إلا التذکر والتمييز والرؤية ، ويقبل جميع العلوم ، ولا يمل من قبول الصور المجردة المعراة عن المواد ، وهذا الجوهر هو رئيس الأرواح وأمير القوى ، الکل يحترمونه ويمتثلون أمره ، وللنفس الناطقة أعني هذا الجوهر عند الکل اسم خاص ، فالحکماء يسمون هذا الجوهر النفس الناطقة ، القرآن يسميه النفس المطمئنة والروح والأمر ، والمتصوفة يسمونه القلب ، والخلاف في الاسامي والمعنى واحد لا خلاف فيه ) ، (٤) ثم أنّه أشکل على الفلاسفة في مسألة عود الروح والنفس إلى البدن قائلاً : ( التعجب من تعلق النفس بالبدن في
ــــــــــــــــ
١. صدر الدين الشيرازي ، مفاتيخ الغيب ، المفتاح ١٢ ، المشهد ٧ ، ص ٢٩٨.
٢. نقلاً عن : د. عاطف العراقي ، النزعة العقلية في فلسفة ابن رشد ، بهامش ص ٢٩٣.
٣. لاحظ : العلامة الحلي ، کشف المراد في شرج تجريد الاعتقاد ، تحقيق وتعليق السبحاني ص ٢٥٨ ، ٢٥٩.
٤. نقلاً عن : الغزالي ، رسالة القصور العوالي ، ج ١ ، نقلها الغزالي في کتابة تهافت الفلاسفة ، ص ٢٤٢ ، ٢٤٣.