الجواب الأول : لغياث الدين منصور بن خلف السيد السند صدرالدين الشيرازي الدشتکي ، مؤلف رسالة في المعاد الجسماني ، قال في دفعه : ( إن للنفس الإنسانية ضربين من التعلق بالبدن ، أولها : هو تعلقها بالروح البخاري ، وثانيها : هو تعلقها بالأعضاء الکثيفة ، فإذا انحرف مزاج الروح وکان أن يخرج عن صلاحية النفس اشتد التعلق الثانوي من جانب النفس بالأعضاء ، وبهذا يتعين الأجزاء تعيناً ما ، ثم عند المحشر إذا اجتمعت وتمت صور البدن ثانياً ، وحصل الروح البخاري مرة أخرى على خروج مزاج الأجزاء ، فالمعاد هو النفس الباقية لنيل الجزاء ). (١)
واعترض عليه صدرالدين محمد بن إبراهيم المعروف بصدرالمتألهين بقوله : ( إن قولهم إن النفس تتعلق أولاً بالأرواح اللطيفة ، وثانياً بالأعضاء الکثيفة ، معناه أن تعلقها بالذات ليس إلا بالأرواح ؛ لأنها القريبة الشبه إلى جوهر النفس دون الأعضاء لکثافتها وظلمتها وبُعد مناسبتها إلى الجواهر النورية إلا بالعرض ؛ لأجل کونها کالقشور والغلاف والوعاء الصائن للجرم والشبيه بالفلک اللائق لأجل اعتداله ولطافته ؛ لأنه ستکره الحمام القدسي والطائر الملکوتي ، فإذا تمزقت هذه الشبکة واستحالت تراباً ورماداً وطار طائرها السمائي ، وخلص من هذا المضيق ، فأي تعلق بقي له بالأجزاء ، ولو کان کذلک لکان کل تراب ورماد ذا نفس لاشتراک الجميع في الترابية والرمادية ، والإضافة إلى الزمان السابق الذي کان فيه التعلق غير باقية أيضاً ، لأن الزمان غير باقٍ ). (٢)
وکما ذکرنا سابقاً في ما يتعلق بجواب محمد الغزالي لهذا الإشکال ومن مناقشة ، وبينا کيف أن القول بتعلق النفس ببدن غير بدنها الدنيوي في ذلک العالم
ــــــــــــــــ
١. لاحظ : صدرالمتألهين ، کتاب المظاهر الإلهية ، تحقيق جلال الدين الآشتياني ، ص ١٨٥ ـ ١٨٧.
٢. المصدر السابق ، ص ١٨٧.