الموجودات بما فيها من ملائکة وشياطين وحيوانات وأناس وغير ذلک ، ولکن ما دام الکلام في بحثنا يختص بمعاد الإنسان ، فإننا سوف نختصر على بيان صدرالمتألهين في خصوص هذا الأمر ، وذلک من خلال مطالعة ما کتبه في هذا الموضوع نجد أنه يصنف الإنسان في يوم الحشر إلى عدة طوائف بلحاظ العاقبة الأخروية ، معتمداً في ذلک على الأدلة النقلية والبراهين العقلية ، فقد قال في ذلک : ( و اعلم أن حشر الخلائق على أنحاء مختلفة على حسب أعمالهم وملکاتهم ، فلقوم على سبيل الوفد ( يَوْمَ نَحْشُرُ المُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا ) ) ، (١) ولقوم على سبيل التعذيب ( وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ) ، (٢) ولقوم ( وَنَحْشُرُ المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا ) ، (٣) ولقوم : ( وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ) ، (٤) وقوم : ( فِي الحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ) ، (٥) وبالجملة يحشر کل واحد إلى غاية سعيه وعمله ، وما يحبه ويشتاق إليه المرء يحشر مع من أحب ( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ) ، (٦) ( فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ) ، (٧) حتى أنه لو أحب أحدکم حجرا يحشر معه ، ولما کان تکرار الأفاعيل يوجب حدوث الأخلاق والملکات ، ولکل صفة وملکة تغلب على الإنسان يتصور في الآخرة بصورة تناسبها ... ثم استشهد على ذلک بقوله تعالى : ( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) ، (٨) يحشر بعض الناس على صورة يحسن عندها القردة والخنازير ، وهکذا يتمثلون بصورهم الحقيقية الأخروية لأهل الکشف والشهود في هذه النشأة ، لظهور سلطان الآخرة على باطنهم ، ( إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) ، (٩) والحشر أيضاً بمعنى الجمع ، (١٠) ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ
ــــــــــــــــ
١. مريم ، ٨٥.
٢. فصلت ، ١٩.
٣. طه ، ١٠٢.
٤. طه ، ١٢٤.
٥. غافر ، ٧١ ، ٧٢.
٦. الصافات ، ٢٢.
٧. مريم ، ٦٨.
٨. التکوير ، ٥.
٩. الرعد ، ٤.
١٠. صدرالمتألهين ، مقدمة وتعليقات مفاتيح الغيب ، ج ٢ ، ص ٧٢٨.